يحل لك تركه، وقص عليه ما رأى، وكتب عبد الملك إلى عامل المدينة، أن ابعث إلى محمد بن علي مقيدا وقال لزيد: أرأيتك إن وليتك قتله قتلته؟ قال: نعم.
قال: فلما انتهى الكتاب إلى العامل أجاب عبد الملك: ليس كتابي هذا خلافا عليك يا أمير المؤمنين، ولا أرد أمرك، ولكن رأيت أن أراجعك في الكتاب نصيحة لك، وشفقة عليك، وإن الرجل الذي أردته ليس اليوم على وجه الأرض أعف منه ولا أزهد ولا أورع منه، وإنه ليقرء في محرابه، فيجتمع الطير والسباع تعجبا لصوته وإن قراءته كشبه مزامير داود، وإنه من أعلم الناس، وأرق الناس وأشد الناس اجتهادا وعبادة، وكرهت لأمير المؤمنين التعرض له فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
فلما ورد الكتاب على هشام، سر بما أنهى إليه الوالي وعلم أنه قد نصحه فدعا بزيد بن الحسن فأقرأه الكتاب، فقال: أعطاه وأرضاه، فقال عبد الملك:
فهل تعرف أمرا غير هذا؟ قال: نعم عنده سلاح رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيفه، ودرعه، وخاتمه، وعصاه، وتركته، فاكتب إليه فيه، فإن هو لم يبعث به فقد وجدت إلى قتله سبيلا.
فكتب هشام عبد الملك إلى العامل أن احمل إلى أبي جعفر محمد بن على ألف ألف درهم، وليعطك ما عنده من ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله): فأتى العامل منزل أبي فأقرأه الكتاب فقال: أجلني أياما قال: نعم، فهيأ أبي متاعا ثم حمله ودفعه إلى العامل، فبعث به إلى هشام عبد الملك، وسر به سرورا شديدا فأرسل إلى زيد، فعرض عليه، فقال زيد: والله ما بعث إليك من متاع رسول الله (صلى الله عليه وآله) قليلا ولا كثيرا، فكتب هشام عبد الملك إلى أبي، إنك أخذت مالنا، ولم ترسل الينا بما طلبنا.
فكتب إليه أبي: إني قد بعثت إليك بما قد رأيت فإن شئت كان ما طلبت،