ليلا إلى بيوت الأنصار، وبما اعتمده إذ ذاك من تخلفه في بيته وإظهار أنه قد انعكف على جمع القرآن، وبسائر أنواع الحيل فيها، لم تحصل له إلا بتجريد السيف كما فعل في آخر الأمر ولست ألوم العرب، لا سيما قريشا في بغضها له، وانحرافها عنه؛ فإنه وترها، وسفك دماءها، وكشف القناع في منابذتها، ونفوس العرب وأكبادها كما تعلم!
وليس الإسلام بمانع من بقاء الأحقاد في النفوس، كما نشاهده اليوم عيانا، والناس كالناس الأول، والطبائع واحدة، فاحسب أنك كنت من سنتين أو ثلاث جاهليا أو من بعض الروم، وقد قتل واحد من المسلمين ابنك أو أخاك، ثم أسلمت؛ أكان إسلامك يذهب عنك ما تجده من بغض ذلك القاتل وشنآنه؟ كلا.
إن ذلك لغير ذاهب، هذا إذا كان الإسلام صحيحا، والعقيدة محققة، لا كإسلام كثير من العرب؛ فبعضهم تقليدا، وبعضهم للطمع والكسب، وبعضهم خوفا من السيف، وبعضهم على طريق الحمية والانتصار، أو لعداوة قوم آخرين من أضداد الإسلام وأعدائه.
واعلم أن كل دم أراقه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسيف علي (عليه السلام) وبسيف غيره؛ فإن العرب بعد وفاته (عليه السلام) عصبت (1) تلك الدماء بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وحده؛ لأنه لم يكن في رهطه من يستحق في شرعهم وسنتهم وعادتهم أن يعصب به تلك الدماء إلا بعلي وحده، وهذه عادة العرب إذا قتل منها قتلى طالبت بتلك الدماء القاتل؛ فإن مات أو تعذرت عليها مطالبته، طالبت بها أمثل الناس من أهله....
سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن أبي زيد رحمه الله! فقلت له: إني لأعجب من