والأرض، أهل حسرات، وكهوف شبهات، وأهل عشوات وضلالة وريبة، من وكله الله إلى نفسه ورأيه فهو مأمون عند من يجهله، غير المتهم عند من لا يعرفه، فما أشبه هؤلاء بأنعام قد غاب عنها رعاؤها.
ووا أسفا من فعلات شيعتي! من بعد قرب مودتها اليوم، كيف يستذل بعدي بعضها بعضا؟ وكيف يقتل بعضها بعضا؟ المتشتة غدا عن الأصل النازلة بالفرع، المؤملة الفتح من غير جهته، كل حزب منهم آخذ منه بغصن، أينما مال الغصن مال معه، مع أن الله - وله الحمد - سيجمع هؤلاء لشر يوم لبني أمية كما يجمع قزع الخريف يؤلف الله بينهم، ثم يجعلهم ركاما كركام السحاب، ثم يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنتين، سيل العرم حيث بعث عليه فارة، فلم يثبت عليه أكمة، ولم يرد سننه رض طود، يذعذعهم الله في بطون أودية، ثم يسلكهم ينابيع في الأرض، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، ويمكن بهم قوما في ديار قوم، تشريدا لبني أمية، ولكيلا يغتصبوا ما غصبوا، يضعضع الله بهم ركنا، وينقض بهم طي الجنادل من إرم، ويملأ منهم بطنان الزيتون.
فو الذي فلق الحبة وبرأ النسمة! ليكونن ذلك وكأني أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم. وأيم الله ليذوبن ما في أيديهم بعد العلو والتمكين في البلاد كما تذوب الألية على النار، من مات منهم مات ضالا، وإلى الله عزوجل يفضي منهم من درج، ويتوب الله عز وجل على من تاب. ولعل الله يجمع شيعتي بعد التشتت لشر يوم لهؤلاء! وليس لأحد على الله عز ذكره الخيرة بل لله الخيرة والأمر جميعا (1).