كيف أقدمتم على مكاتبتي والحضور عندي قبل أن تعلموا ما ينتهي إليه أمري وأمر صاحبكم؟ وكيف تأمنون إن صالحني ورحلت نقمته؟.
فقال له والدي: إنما أقدمنا على ذلك؛ لأنا روينا عن إمامنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال في بعض خطبه: الزوراء وما أدراك ما الزوراء؟! أرض ذات أثل (1) يشيد فيها البنيان، ويكثر فيها السكان، ويكون فيها مهارم وخزان، يتخذها ولد العباس موطنا، ولزخرفهم مسكنا، تكون لهم دار لهو ولعب، يكون بها الجور الجائر، والحيف المحيف، والأئمة الفجرة، والقراء الفسقة، والوزراء الخونة، تخدمهم أبناء فارس والروم.
لا يأتمرون بينهم بمعروف إذا عرفوه، ولا ينتهون عن منكر إذا أنكروه، تكتفي الرجال منهم بالرجال، والنساء بالنساء، فعند ذلك الغم الغميم، والبكاء الطويل، والويل والعويل لأهل الزوراء من سطوات الترك، وما هم الترك؟ قوم صغار الحدق، وجوههم كالمجان المطرقة، لباسهم الحديد، جرد مرد، يقدمهم ملك يأتي من حيث بدا، ملكهم جهوري الصوت، قوي الصولة، عالي الهمة، لا يمر بمدينة إلا فتحها، ولا ترفع له راية إلا نكسها، الويل الويل لمن ناواه! فلا يزال كذلك حتى يظفر.
فلما وصف لنا ذلك، ووجدنا الصفات فيكم، رجوناك فقصدناك. فطيب قلوبهم، وكتب لهم فرمانا باسم والدي (رحمه الله) يطيب فيه قلوب أهل الحلة وأعمالها.
والأخبار الواردة في ذلك كثيرة (2).