بابليون، ولم يكن قد وصل إليه المدد بعد، أراد أن يشغل جيشه بعمل ريثما يأتيه المدد، فخرج في القوارب إلى الفيوم مارا بمدينة (منف) الواقعة على الشاطئ الغربي للنيل تجاه حصن بابليون فاستولى عليها، واستأنف مسيره حتى صار على نحو عشرة أميال من مدينة الفيوم على مقربة من مدينة اللاهون الواقعة على بحر يوسف حيث عسكر بها الروم.
فتقدم عمرو إلى البهنسا، واستولى عليها فاقتفى (يوحنا) قائد الروم أثره بقوة صغيرة مؤلفة من خمسين مقاتلا من الروم لاستطلاع حركات المسلمين على أن هذا القائد شعر بخطورة مركزه فعرج على معسكره في (أبواط) (1) فأدركه عمرو وقتل الروم في هذه الجهة عن آخرهم.
لا يمكننا أن نفهم ما يقوله (بطلر) من أن عمرو بن العاص يزاول موقعه، ويترك البلاد التي افتتحها ورسخت أقدامه فيها، ويترك العريش والفرما وبلبيس وأم دنين ويذهب إلى الفيوم والبهنسا، وإذا كان فعل ذلك فأي مانع للروم من أخذ هذه البلاد وإعادتها إلى حكمهم، وشحنها بالمقاتلة وقتال المدد الذي يأتي إلى عمرو عن كل شبر من الأرض، فيفت ذلك في عضدهم. على أن حدوث وقائع البهنسا ونحوها من بلاد الصعيد لم نقف عليه في كتاب يقام له وزن. والذي يغلب على ظننا أن (بطلر) وقف على بعض القصص الموضوعة على الخيال.
فذكر البهنسا ووقائع المسلمين فيها، ورأى العامة من المسلمين يعتقدون أن لهم شهداء، فلم يجد طريقا للجمع بين الأخيار الصحيحة وبين ذلك إلا بأن يذكر ذهاب عمرو بجنده إلى الفيوم.