وكان استيلاء المسلمين على الفرما حوالي منتصف يناير سنة 64 م على ما رواه (بطلر) وكان أول المحرم سنة 19 ه (يوافق 2 يناير سنة 640 م).
وقد ذكر (بطلر) أن المقريزي وأبا المحاسن (الذي نقل من الأول) قررا أن القبط كانوا للعرب أعوانا، وهم حصار الفرما. وقد أجاب بأن هذا القول لأساس له من الصحة. وبرهن على صحة ما يقول بما ذكره (يوحنا أسقف نقيوس) من أن القبط لم يمدوا يد المساعدة للمسلمين إلا بعد استيلائهم على إقليم الفيوم، على أن هذه المساعدة كانت جزئية ومحدودة. أه.
وتقدم عمرو لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أتى بلبيس، وتبعد عن مصر بنحو ثلاثين ميلا، فقاتلوه بها نحوا من شهر حتى فتح الله عليه ونصره نصرا عزيزا.
هذا ما ذكره لنا ابن عبد الحكم والمقريزي وغيرهما من المؤرخين المشهورين عن استئناف مسير عمرو من الفرما إلى بلبيس واستيلائه عليها. وهو كما لا يخفى قول مقتضب يحتاج إلى كشف الطريق الذي اجتازه عمرو، وهل هو الطريق الذي سلكه الفاتحون من قبل، أم هو غير هذا الطريق؟ وما هي المدن التي مر عليها عمرو، واستولى عليها في طريقه؟
هذا ما أردنا أن نقف عليه، وقد كفانا (بطلر) مؤونة البحث الكثير فنقول:
ومن هذه البقعة الريفية المغطاة بالملح التي تحبط بالفرما، مر عمرو على أرض مفروشة بقشور الصدف البيضاء التي استحالت إلى رمال حتى وصل إلى مجدل (1) نحو الجنوب والغرب، ومن ثم إلى الجهة