أطبقت على الأرض وكأني أتنفس من سم إبرة وكأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي) ثم قال:
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي * في رؤوس الجبال أرعى الوعولا (1) وقد قال فيه الشاعر:
ألم تر أن الدهر أخذت صروفه * على عمرو السهمي تجبى له مصر فلم يغن عنه حزمه واحتياله * ولا جمعه لما أتيح له الدهر وأمسى مقيما بالعراء وضللت * مكايده عنه وأموله الدثر وقد خلف عمرو على ما ذكره المسعودي ثلاثمائة وخمسة وعشرين دينارا، ومن الورق (الفضة) ألفي ألف درهم (000، 000، 2) وضيعته المعروفة بالرهط وقيمتها عشرة آلاف درهم.
وروى ابن عساكر أنه كان يقيم كروم الرهط (بستان له بالطائف) بألف ألف خشية كل خشية بدرهم عدا الدور العديدة التي كان يمتلكها في مصر ودمشق. وقال صاحب كتاب (حياة الحيوان): وخلف عمرو من المال سبعين بهارا دينار (والبهار جلد ثور يسع أردبين)، وكان عند حلول أجله أخرجه وقال: من يأخذ بما فيه؟ فأبى ولداه أخذه فبلع معاوية فقال: (نحن أحق بهذه الأموال التي جمعها أبوك لدفع العدو، فأخذها وأدخلها في بيت المال).
وأما نحن فنجزم بأن هذا القول غير صحيح، إذ يلزم أن يكون عنده مائة وأربعون أردبا من الذهب تأخذ فراغا يزيد على عشرين مترا مكعبا، وهي تبلغ أكثر من أربعين مليونا من الجنيهات أو ثمانين إلى مائة مليون دينار. ومحال أن يجمع عمرو بن العاص هذا المبلغ من مصر في أقل من عشرين سنة إلى أربعين باعتبار أنها في يده يأخذ ما زاد عن عمارتها وأعطيات جندها.