الله عز وجل هو الذي يطلقهم، رغبوا عنى وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين ".
فلما أن بلغهم ذلك قالوا: ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا.
فأنزل الله عز وجل: " وآخرون اعترفوا بذنوبهم " الآية. " وعسى " من الله واجب.
فلما أنزلت أرسل إليهم رسول الله فأطلقهم وعذرهم، فجاءوا بأموالهم وقالوا:
يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا. فقال: " ما أمرت أن آخذ أموالكم ".
فأنزل الله: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم إن الله سميع عليم " إلى قوله: " وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ".
وهم الذين لم يربطوا أنفسهم بالسواري، فأرجئوا حتى نزل قوله تعالى: " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه " إلى آخرها.
وكذا رواه عطية بن سعيد العوفي عن ابن عباس بنحوه.
وقد ذكر سعيد بن المسيب ومجاهد ومحمد بن إسحاق قصة أبى لبابة وما كان من أمره يوم بني قريظة وربطه نفسه حتى تيب عليه، ثم إنه تخلف عن غزوة تبوك فربط نفسه أيضا حتى تاب الله عليه، وأراد أن ينخلع من ماله كله صدقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يكفيك من ذلك الثلث ".
قال مجاهد وابن إسحاق: وفيه نزل: " وآخرون اعترفوا بذنوبهم " الآية.
قال سعيد بن المسيب: ثم لم ير منه بعد ذلك في الاسلام إلا خير رضي الله عنه وأرضاه.
قلت: ولعل هؤلاء الثلاثة لم يذكروا معه بقية أصحابه، واقتصروا على ذكره لأنه كان كالزعيم لهم، كما دل عليه سياق ابن عباس. والله أعلم.