فأقمنا على ذلك، حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال: رسول الله يأمرك أن تعتزل امرأتك. فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا بل اعتزلها ولا تقربها. وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك، فقلت لامرأتي:
الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضى الله في هذا الامر.
قال كعب: فجاءت امرأة هلال بن أمية إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله، إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه؟ قال: " لا ولكن لا يقربك " قالت: إنه والله ما به حركة إلى شئ، والله ما زال يبكى منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله في امرأتك كما استأذن هلال به أمية أن تخدمه؟ فقلت: والله لا أستأذن فيها رسول الله، وما يدريني ما يقول رسول الله إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب.
* * * قال: فلبثت بعد ذلك عشر ليال، حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله عن كلامنا.
فلما صليت الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل، قد ضاقت على نفسي وضاقت على الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع بأعلى صوته: يا كعب أبشر.
فخررت ساجدا، وعرفت أن قد جاء فرج، وآذن رسول الله بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، وذهب قبل صاحبي مبشرون، وركض رجل إلى فرسا، وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس.
فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشراه،