ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره، عن سفيان - وهو ابن عيينة - به.
وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة المعنى ومسدد، قالوا:
حدثنا سفيان، حدثنا صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار، قال: قال أبو رافع:
لم يأمرني، يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن أنزله، ولكن ضربت قبته فنزله.
قال مسدد: وكان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم. وقال عثمان - يعنى [في] (1) الأبطح -.
ورواه مسلم عن قتيبة وأبى بكر وزهير بن حرب عن سفيان بن عيينة به.
والمقصود أن هؤلاء كلهم اتفقوا على نزول النبي صلى الله عليه وسلم في المحصب لما نفر من منى، ولكن اختلفوا: فمنهم من قال: لم يقصد نزوله وإنما نزله اتفاقا ليكون أسمح لخروجه. ومنهم من أشعر كلامه بقصده عليه السلام نزوله، وهذا هو الأشبه.
وذلك أنه عليه السلام أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، وكانوا قبل ذلك ينصرفون من كل وجه، كما قال ابن عباس، فأمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت - يعنى طواف الوداع - فأراد عليه السلام أن يطوف هو ومن معه من المسلمين بالبيت طواف الوداع وقد نفر من منى قريب الزوال، فلم يكن يمكنه أن يجئ البيت في بقية يومه ويطوف به ويرحل إلى ظاهر مكة من جانب المدينة، لان ذلك قد يتعذر على هذا الجم الغفير، فاحتاج أن يبيت قبل مكة.
ولم يكن منزل أنسب لمبيته من المحصب الذي كانت قريش قد عاقدت بني كنانة على بني هاشم وبنى المطلب فيه، فلم يبرم الله لقريش أمرا بل كبتهم وردهم