قال ابن حزم: جاء أنه خطب يوم الرؤوس وهو اليوم الثاني من يوم النحر بلا خلاف عند أهل مكة، وجاء أنه أوسط أيام التشريق، فتحمل على أن أوسط بمعنى أشرف كما قال تعالى: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " وهذا المسلك الذي أخذه ابن حزم بعيد والله أعلم.
وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا الوليد بن عمرو بن مسكين، حدثنا أبو همام محمد بن الزبرقان، حدثنا موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار وصدقة بن يسار، عن عبد الله بن عمر، قال: نزلت هذه السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى وهو في أوسط أيام التشريق في حجة الوداع: " إذ جاء نصر الله والفتح " فعرف أنه الوداع فأمر براحلته القصواء فرحلت له ثم ركب فوقف للناس بالعقبة، فاجتمع إليه ما شاء الله من المسلمين، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد، أيها الناس فإن كل دم كان في الجاهلية فهو هدر، وإن أول دمائكم أهدر دم [ابن] ربيعة بن الحارث، كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل. وكل ربا في الجاهلية فهو موضوع، وأن أول رباكم أضع ربا العباس بن عبد المطلب.
أيها الناس إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر منها أربعة حرم رجب - مضر - الذي بين جمادى وشعبان، وذو القعدة وذو الحجة والمحرم " ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم " الآية " إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله " كانوا يحلون صفر عاما ويحرمون المحرم عاما، ويحرمون صفر عاما ويحلون المحرم عاما، فذلك النسئ.
يا أيها الناس من كان عنده وديعة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد ببلادكم آخر الزمان، وقد يرضى عنكم، بمحقرات الأعمال، فاحذروه