فأما الحديث الذي رواه أبو بكر البزار في مسنده قائلا: حدثنا إسماعيل بن حفص، حدثنا يحيى بن اليمان، حدثنا حمزة الزيات، عن حمران بن أعين، عن أبي الطفيل عن أبي سعيد، قال: حج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مشاة من المدينة إلى مكة قد ربطوا أوساطهم ومشيهم خلط الهرولة.
فإنه حديث منكر ضعيف الاسناد، وحمزة بن حبيب الزيات ضعيف وشيخه متروك الحديث. وقد قال البزار: لا يروى إلا من هذا الوجه، وإن كان إسناده حسنا عندنا.
ومعناه أنهم كانوا في عمرة إن ثبت الحديث، لأنه عليه السلام إنما حج حجة واحدة وكان راكبا وبعض أصحابه مشاة.
قلت: ولم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في شئ من عمره ماشيا، لا في الحديبية ولا في القضاء ولا الجعرانة ولا في حجة الوداع.
وأحواله عليه السلام أشهر وأعرف من أن تخفى على الناس، بل هذا الحديث منكر شاذ لا يثبت مثله. والله أعلم.
فصل تقدم أنه عليه السلام صلى الظهر بالمدينة أربعا، ثم ركب منها إلى الحليفة وهي وادى العقيق (1) فصلى بها العصر ركعتين.
فدل على أنه جاء الحليفة نهارا في وقت العصر فصلى بها العصر قصرا، وهي من المدينة على ثلاثة أميال، ثم صلى بها المغرب والعشاء وبات بها حتى أصبح فصلى بأصحابه وأخبرهم أنه جاءه الوحي من الليل بما يعتمده في الاحرام.