على لعثمان ولعبد الرحمن: أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودوا إليه.
ففعلوا فسلموا فرد سلامهم، ثم قال: " والذي بعثني بالحق لقد أتوني المرة الأولى وإن إبليس لمعهم ".
ثم ساءلهم وساءلوه، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا: ما تقول في عيسى، فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى، يسرنا إن كنت نبيا أن نسمع ما تقول فيه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما عندي فيه شئ يومى هذا، فأقيموا حتى أخبركم بما يقول الله في عيسى ".
فأصبح الغد وقد أنزل الله عز وجل هذه الآية: " إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين. فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " (1).
فأبوا أن يقروا بذلك.
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد بعد ما أخبرهم الخبر، أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميل له وفاطمة تمشى عند ظهره للملاعنة، وله يومئذ عدة نسوة.
فقال شرحبيل لصاحبيه: قد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا إلا عن رأيي، وإني والله أرى أمرا ثقيلا، والله لئن كان هذا الرجل ملكا متقويا فكنا أول العرب طعن في عينه ورد عليه أمره لا يذهب لنا من صدره ولا من صدور أصحابه حتى يصيبونا بجائحة، وإنا أدنى العرب منهم جوارا،