قول شرحبيل وعبد الله، فأمره الأسقف فتنحى فجلس ناحيته فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعا، أمر الأسقف بالناقوس فضرب به، ورفعت النيران والمسوح في الصوامع، وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار، وإذا كان فزعهم ليلا ضربوا بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع.
فاجتمع حين ضرب بالناقوس ورفعت المسوح أهل الوادي أعلاه وأسفله، وطول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع، وفيه ثلاث وسبعون قرية وعشرون ومائة ألف مقاتل، فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألهم عن الرأي فيه.
فاجتمع رأى أهل الرأي منهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة الهمداني وعبد الله ابن شرحبيل الأصبحي وجبار بن فيض الحارثي، فيأتوهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* * * قال: فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم، ولبسوا حللا لهم يجرونها من حبرة وخواتيم الذهب، ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه فلم يرد عليهم السلام، وتصدوا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب.
فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وكانوا يعرفونهما، فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس، فقالوا: يا عثمان ويا عبد الرحمن، إن نبيكم كتب إلينا بكتاب فأقبلنا مجيبين له، فأتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا، وتصدينا لكلامه نهارا طويلا فأعيانا أن يكلمنا، فما الرأي منكما، أترون أن نرجع؟
فقالا لعلي بن أبي طالب وهو في القوم: ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟ فقال