بعدت عن المشهد ورجعوا عني ووصلت إلى أوانا فبت بها وبكرت منها أريد بغداد فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة يسألون من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان فسألوني عن اسمي ومن أين جئت فعرفتهم فاجتمعوا علي ومزقوا ثيابي ولم يبق لي في روحي حكم وكان ناظر بين النهرين كتب إلى بغداد وعرفهم الحال ثم حملوني إلى بغداد وازدحم الناس على وكادوا يقتلوني من كثرة الزحام وكان الوزير القمي رحمه الله تعالى قد طلب السعيد رضى الدين رحمه الله وتقدم ان يعرفه صحة هذا الخبر.
قال فخرج رضي الدين ومعه جماعه فوافينا باب النوبي فرد أصحابه الناس عني فلما رآني قال أعنك يقولون قلت نعم فنزل عن دابته وكشف عن فخذي فلم ير شيئا فغشي عليه ساعة واخذ بيدي وأدخلني على الوزير وهو يبكي ويقول يا مولانا هذا أخي وأقرب الناس إلى قلبي فسألني الوزير عن القصة فحكيت له فاحضر الأطباء الذين أشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها فقالوا ما دوائها الا القطع بالحديد ومتى قطعها مات فقال لهم الوزير فبتقدير ان تقطع ولا يموت في كم تبرء فقالوا في شهرين وتبقى في مكانها حفيرة بيضاء لا ينبت فيها شعر فسألهم الوزير متى رأيتموه قالوا منذ عشره أيام فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الألم وهي مثل أختها ليس فيها أثر أصلا فصاح أحد الحكماء هذا عمل المسيح فقال الوزير حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها.
ثم انه أحضر عند الخليفة المستنصر رحمه الله تعالى فسأله عن القصة فعرفه بها كما جرى فتقدم له بألف دينار فلما حضرت قال خذ هذه فانفقها فقال ما أجسر آخذ منه حبة واحدة فقال الخليفة ممن تخاف فقال من الذي فعل معي هذا قال لا تأخذ من أبي جعفر شيئا فبكى الخليفة وتكدر