كما تقدمت الاخبار فيكون بقاؤه مصلحة للمكلفين ولطفا بهم في بقائه من عند رب العالمين والدجال إذا بقي فبقائه مفسدة للعالمين لما ذكر من ادعائه الربوبية وفتكه بالأمة ولكن في بقائه ابتلاء من الله تعالى ليعلم المطيع منهم من العاصي والمحسن من المسئ والمصلح من المفسد وهذا هو الحكمة في بقاء الدجال وأما بقاء عيسى فهو سبب ايمان أهل الكتاب به للآية والتصديق بنبوة سيد الأنبياء محمد خاتم النبيين ورسول رب العالمين صلى الله عليه وآله وسلم ويكون تبيانا لدعوى الامام عند أهل الايمان ومصدقا لما دعا إليه عند أهل الطغيان بدليل صلاته خلفه ونصرته إياه ودعائه إلى الملة المحمدية التي هو امام فيها فصار بقاء المهدي عليه السلام أصلا وبقاء الاثنين فرعا على بقائه فكيف يصح بقاء الفرعين من عدم بقاء الأصل لهما ولو صح ذلك لصح وجود المسبب من دون وجود السبب وذلك مستحيل في العقول.
وأنما قلنا ان بقاء المهدي عليه السلام أصل لبقاء الاثنين لأنه لا يصح وجود عيسى عليه السلام بانفراده غير ناصر لملة الاسلام وغير مصدق للامام لأنه لو صح ذلك لكان منفردا بدولة ودعوة وذلك يبطل دعوة الاسلام من حيث أراد ان يكون تبعا فصار متبوعا وأراد ان يكون فرعا فصار أصلا والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لا نبي بعدي وقال صلى الله عليه وآله وسلم الحلال ما أحل الله على لساني إلى يوم القيامة والحرام ما حرم الله على لساني إلى يوم القيامة فلا بد من أن يكون له عونا ناصرا ومصدقا وإذا لم يجد من يكون له عونا ومصدقا لم يكن لوجوده تأثير فثبت ان وجود المهدي عليه السلام أصل لوجوده.
وكذلك الدجال اللعين لا يصح وجوده في آخر الزمان ولا يكون للأمة امام يرجعون إليه ووزير يعولون عليه لأنه لو كان كذلك لم يزل الاسلام مقهورا ودعوته باطله فصار وجود الامام أصلا لوجوده على ما قلناه.