ذلك منهم لجاز لأحدنا ان يختار البقاء لنفسه ولولده وذلك غير حاصل لنا غير داخل تحت مقدورنا ولا بد ان يكون راجعا إلى اختيار الله سبحانه ثم لا يخلو بقاء هؤلاء الثلاثة من قسمين أيضا اما ان يكون لسبب أو لا يكون لسبب فان كان لغير سبب كان خارجا عن وجه الحكمة وما يخرج عن وجه الحكمة لا يدخل في أفعال الله تعالى فلا بد من أن يكون لسبب تقتضيه حكمه الله تعالى.
قال وسنذكر سبب بقاء كل واحد منهم على حدته اما بقاء عيسى عليه السلام لسبب وهو قوله تعالى وان من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته ولم يؤمن به مذ نزل هذه الآية إلى يومنا هذا أحد فلا بد من أن يكون هذا في آخر الزمان واما الدجال اللعين لم يحدث حدثا مذ عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه خارج فيكم الأعور الدجال وان معه جبالا من خبز تسير معه إلى غير ذلك من آياته فلا بد من أن يكون ذلك في آخر الزمان لا محاله واما الإمام المهدي عليه السلام مذ غيبته عن الابصار إلى يومنا هذا لم يملأ الأرض قسطا وعدلا كما تقدمت الاخبار في ذلك مشروطا بآخر الزمان فقد صارت هذه الأسباب لاستيفاء الاجل المعلوم فعلى هذا اتفقت أسباب بقاء الثلاثة فلا بد أن يكون ذلك لصحة أمر معلوم في وقت معلوم وهما صالحان نبي وامام وطالح عدو الله وهو الدجال وقد تقدمت الاخبار من الصحاح بما ذكرناه في صحة بقاء الدجال مع صحة بقاء عيسى عليه السلام فما المانع من بقاء المهدي عليه السلام مع كون بقائه باختيار الله وداخلا تحت مقدوره سبحانه وهو آية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فعلى هذا هو أولى بالبقاء من الاثنين الآخرين لأنه إذا بقي المهدي عليه السلام كان امام آخر الزمان يملأ الأرض قسطا وعدلا