بإذن الله من فرقتهم وفساد ذات بينهم واختلافهم ورفع نزع الشيطان وكيده عنهم فان الله عز وجل جعل العهد بعد الخلافة من تمام أمر الاسلام وكماله وعزة وصلاح أهله والهم خلفائه من توكيده لمن يختارونه له من بعدهم ما عظمت به النعمة وشملت فيه العافية ونقض الله بذلك مكر أهل الشقاق والعداوة والسعي في الفرقة والتربص للفتنة.
ولم يزل أمير المؤمنين منذ أفضت إليه الخلافة فاختبر بشاعة مذاقها وثقل محملها وشدة مؤنتها ويجب على من تقلدها من ارتباط طاعة الله ومراقبته فيما حمله منها فانصب بدنه وأشهر عينه وأطال فكره فيما فيه عز الدين وقمع المشركين وصلاح الأمة ونشر العدل وإقامة الكتاب والسنة ومنعه ذلك من الخفض والدعة ومهنأ العيش علما بما الله سائله عنه ومحبة ان يلقى الله مناصحا له في دينه وعباده ومختارا لولاية عهده ورعاية الأمة من بعده أفضل من يقدر عليه في ورعه ودينه وعلمه وأرجاهم للقيام في أمر الله وحقه مناجيا لله تعالى بالاستخارة في ذلك ومسألته الهامه ما فيه رضاه وطاعته في آناء ليله ونهاره معملا في طلبه والتماسه في أهل بيته من ولد عبد الله بن العباس وعلي بن أبي طالب فكرة ونظرة مقتصرا لمن علم حاله ومذهبه منهم على علمه وبالغا في المسألة عمن خفي عليه امره جهده وطاقته حتى استقصى أمورهم معرفة وابتلى اخبارهم مشاهدة واستبرى أحوالهم معاينة وكشف ما عندهم مسائلة فكانت خيرته بعد استخارته لله واجهاده نفسه في قضاء حقه في عباده وبلاده في البيتين جميعا علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لما رأى من فضله البارع وعلمه الناصع وورعه الظاهر وزهده الخالص وتخليه من الدنيا وتسلمه من الناس وقد استبان له ما لم تزل الاخبار عليه متواطية والألسن