تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك كل عام ألفى حلة، ألفا في صفر، وألفا في رجب، وثلاثين درعا عادية من حديد، فصالحهم على ذلك وقال:
والذي نفسي بيده ان الهلاك (العذاب خ ل) قد تدلى على أهل نجران ولولا عنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم الوادي عليهم نارا، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا.
وعن عائشة ان رسول الله (ص) خرج وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله، ثم فاطمة ثم علي ثم قال:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
فان قلت: ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه وذلك أمر يختص به وبمن يكاذبه فما معنى ضم الأبناء والنساء.
قلت: ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه، حيث استجراه على تعريض أعزته وأفلاذ كبده، وأحب الناس إليه لذلك، لم يقتصر على تعريض نفسه له وعلى ثقته بكذب خصمه حتى يهلك خصمه مع أحبته وأعزته هلاك الاستيصال إلى أن تمت المباهلة، وخص الأبناء والنساء لانهم أعز الاهل، وألصقهم بالقلوب، وربما فداهم الرجل بنفسه، وحارب دونهم حتى يقتل، ثم من ثم كانوا يسوقون مع أنفسهم الضعاين في الحروب لتمنعهم من الحرب، يسمون الذادة عنها بأرواحهم حماة الحقائق، وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم، وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس، مفدون بها وفيه دليل لا شئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء (ع)، وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي (ص)، لأنه لم يرو أحد من موافق ولا مخالف انهم أجابوا إلى ذلك (انتهى كلام الزمخشري).