فأمر بالصلاة جامعة فاجتمعوا وعرفهم وقال: من لهم؟ فانتدب جماعة من أهل الصفة عدتهم ثمانون منهم ومن غيرهم، فاستدعى أبا بكر وقال له: خذ اللواء وامض إلى بنى سليم، فإنهم قريب من الحرة فمضى ومعه القوم حتى قارب أرضهم وكانت كثيرة الحجارة والشجر وهم بالوادي والمنحدر إليهم صعب، فلما صار أبو بكر إلى الوادي وأراد الانحدار خرجوا إليه فهزموه وقتلوا من المسلمين جمعا، فلما رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وآله عقد لعمر لواء وسيره إليهم فكمنوا له تحت الحجارة والشجر، فلما ذهب ليهبط خرجوا إليه فهزموه فساء ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عمرو بن العاص: ابعثني إليهم يا رسول الله فان الحرب خدعة، ولعلي أخدعهم فأنفذه مع جماعة ووصاه فلما صار إلى الوادي خرجوا إليه فهزموه وقتلوا من أصحابه جماعة.
ومكث رسول الله صلى الله عليه وآله أياما يدعو عليهم ثم دعا أمير المؤمنين فعقد له ثم قال: أرسلته كرارا غير فرار، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم ان كنت تعلم انى رسولك فاحفظني فيه وافعل به وافعل، فدعا له ما شاء وخرج علي عليه السلام وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله يشيعه وبلغ معه مسجد الأحزاب فشيعه ودعا له وأنفذ معه أبا بكر وعمر وعمرو بن العاص فسار بهم نحو العراق متنكبا عن الطريق حتى ظنوا أنه يريد بهم غير ذلك الوجه، ثم أخذ بهم على طريق غامضة واستقبل الوادي من فمه، وكان يسير الليل ويكمن النهار، فلما قرب من الوادي أمر أصحابه أن يخفوا حسهم وأوقفهم مكانا وأقام أمامهم ناحية منهم، ورأى عمرو بن العاص صنيعه فلم يشك ان الفتح يكون له فأراد افساد الحال وخوف أبا بكر وعمر من وحوش الوادي وذئابه، وأن المصلحة أن تعلوا الوادي، فكلما عليا عليه السلام في ذلك فلم يجبهما فقال عمر: لا نضيع أنفسنا انطلقوا بنا نعلو الوادي فقال المسلمون: ان النبي صلى الله عليه وآله أمرنا ان