لا نخالف عليا فكيف نخالفه ونسمع قولك؟ فما زالوا حتى أحس علي الفجر فكبس القوم وهم غافلون فأمكنه الله منهم، ونزلت (والعاديات ضبحا فالموريات قدحا) إلى آخرها.
فبشر رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه بالفتح، وأمرهم باستقبال علي فاستقبلوه والنبي صلى الله عليه وآله يقدمهم، فقاموا صفين فلما بصر بالنبي صلى الله عليه وآله ترجل عن فرسه، فقال له: اركب فان الله ورسوله عنك راضيان، فبكى أمير المؤمنين فرحا فقال له النبي صلى الله عليه وآله: يا علي لولا انني أشفق أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح بن مريم، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملاء من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك.
(فصل): ولما انتشر أمر الاسلام بعد الفتح وما ولاه من الغزوات وفدت الوفود على رسول الله صلى الله عليه وآله وكان ممن وفد عليه أبو حارثة أسقف نجران في ثلاثين رجلا من النصارى منهم العاقب والسيد وعبد المسيح، فقدموا المدينة فصارت إليهم اليهود فتساءلوا بينهم فقالت النصارى لهم: لستم على شئ وقالت اليهود لهم لستم على شئ وفي ذلك أنزل الله (وقالت اليهود ليست النصارى على شئ) إلى آخرها، فلما صلى النبي العصر جاءوا إليه يقدمهم الأسقف، فقال:
يا محمد ما تقول في السيد المسيح؟ فقال صلى الله عليه وآله: عبد الله اصطفاه وانتجبه، فقال الأسقف: أتعرف له أبا ولده؟ فقال صلى الله عليه وآله: لم يكن عن نكاح فيكون له والد فقال: كيف تقول انه عبد مخلوق وأنت لا ترى عبدا بغير أب؟ فأنزل الله تعالى الآيات من سورة آل عمران إلى قوله:
(ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل