ألا تجيبون بما عندكم؟ قالوا: بم نجيبك فداك آباؤنا وأمهاتنا؟ قد أجبنا بأن لك المن والفضل والطول علينا، قال: أما لو شئتم لقلتم وأنت جئتنا طريدا فآويناك وخائفا فأمناك، ومكذبا فصدقناك، فارتفعت أصواتهم بالبكاء وقام شيوخهم وساداتهم فقبلوا يديه ورجليه وقالوا: رضينا بالله وعنه وبرسوله وعنه، وهذه أموالنا بين يديك فان شئت فاقسمها على قومك وإنما قال من قال منا على غير وغر صدر وغل في قلب، ولكنهم ظنوا سخطا عليهم وتقصيرا بهم وقد استغفروا من ذنوبهم، فاستغفر لهم يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وآله اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار، يا معشر الأنصار أما ترضون أن يرجع غيركم بالثناء والنعم وترجعون أنتم وفي سهمكم رسول الله قالوا: بلى رضينا، قال صلى الله عليه وآله: الأنصار كرشي وعيبتي لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار - الكرش معروفة يقال لها:
كرش وكرش، والعيبة: ما يجعل فيه الثياب والجمع عيب، وكأن المعنى هم موضع سرى أودع عندهم منه وما أريد حفظه والانتفاع به وكتمانه، كما يودع الكرش والعيبة ما يترك فيهما للانتفاع والحفظ، وهذا أنسب من كون الكرش يراد بها الجماعة من الناس كما قال الجوهري، فإنه قال: الكرش الجماعة من الناس ومنه الحديث: الأنصار كرشي وعيبتي، فيخلو الكلام من المناسبة والمدح على قوله - وكان النبي صلى الله عليه وآله أعطى العباس بن مرداس أربعة من الإبل يومئذ فسخطها وقال يومئذ:
أتجعل نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع وما كان حصن ولا حابس يفوقان شيخي في مجمع وما كنت دون امرئ منهم ومن يوضع اليوم لا يرفع فبلغ النبي صلى الله عليه وآله ذلك فأحضره وقال: أنت القائل: أتجعل نهبي ونهب