رمد أعجزه عن الحرب، وكان المسلمون يناوشون اليهود بين أيدي حصونهم وجنباتها.
فلما كان ذات يوم فتحوا الباب وكانوا خندقوا على أنفسهم، وخرج مرحب برجله يتعرض للحرب فدعا رسول الله أبا بكر فقال له: خذ هذه الراية، فأخذها في جمع من المهاجرين فاجتهد ولم يغن شيئا، وعاد يؤنب القوم الذين اتبعوه ويؤنبونه.
فلما كان من الغد تعرض لها عمر فسار بها غير بعيد، ثم رجع يجبن أصحابه ويجبنونه، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ليست هذه الراية لمن حملها، جيئوني بعلي بن أبي طالب، فقيل: انه أرمد، فقال: أرونيه تروني رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يأخذها بحقها ليس بفرار فجاؤوا بعلي يقودونه إليه، فقال: ما تشتكي يا علي؟ قال: رمدا ما أبصر معه، وصداعا برأسي فقال له: اجلس وضع رأسك على فخذي، ففعل علي ذلك فدعا له النبي صلى الله عليه وآله، وتفل في يده فمسحها على عينيه ورأسه فانفتحت عيناه، وسكن الصداع، وقال في دعائه له: اللهم قه الحر والبرد وأعطاه الراية، وكانت بيضاء وقال: امض بها وجبرئيل معك والنصر أمامك والرعب مبثوث في صدور القوم، واعلم يا علي انهم يجدون في كتابهم ان الذي يدمر عليهم اسمه إليا، فإذا لقيتهم فقل أنا علي بن أبي طالب فإنهم يخذلون إن شاء الله تعالى.
قال علي عليه السلام: فمضيت بها حتى أتيت الحصن، فخرج مرحب وعليه درع ومغفر وحجر قد نقبه مثل البيضة على رأسه وهو يقول:
قد علمت خيبر انى مرحب شاكي السلاح بطل مجرب فقلت: