شكا بعد يقيني، فقال له صلى الله عليه وآله فما الذي حملك على ذلك؟ فقال إن لي أهلا بمكة ولا عشيرة لي بها، وخفت أن تكون الدائرة لهم علينا فيكون الكتاب كفا لهم عن أهلي، ويدا لي عليهم، ولم يكن لشك منى في الدين، فقال عمر:
يا رسول الله مرني بقتله فقد نافق، فقال: انه من أهل بدر ولعل الله اطلع عليهم فغفر لهم، أخرجوه من المسجد فجعل الناس يدفعونه في ظهره ويخرجونه وهو يلتفت إلى رسول الله ليرق له فرده وقال: قد عفوت عنك فاستغفر ربك ولا تعد لمثل ما جنيت.
وهذه المنقبة لاحقة بمناقبه عليه السلام وفيها من جده في اخراج الكتاب من الامرأة وعزيمته في ذلك، وان النبي صلى الله عليه وآله لم يثق في ذلك إلا به، وأنفذ الزبير معه لأنه في عداد بنى هاشم من قبل أمه صفية بنت عبد المطلب، فأراد أن يتولى سره أهله وكان للزبير شجاعة وفيه إقدام، ونسبه متصل بنسب أمير المؤمنين عليه السلام فعلم أنه يساعده على أمره وكان الزبير تابعا لعلي مع أنه خالف الصواب في تنزيهها من الكتاب، فتدارك ذلك علي عليه السلام وفي ذلك من الفضيلة والمنقبة ما تفرد به ولم يشاركه فيه أحد وقد ذكر هذه القضية بقريب من هذه الألفاظ جماعة غير المفيد.
وكان النبي صلى الله عليه وآله أعطى الراية يوم الفتح سعد بن عبادة، وأمره أن يدخل بها مكة أمامه فأخذها سعد وهو يقول:
اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة فقال بعض القوم للنبي صلى الله عليه وآله: أما تسمع ما يقول سعد؟ والله إنا نخاف أن تكون له اليوم صولة في قريش، فقال صلى الله عليه وآله: أدرك يا علي سعدا فخذ الراية منه وادخل بها أنت.
قلت: هكذا ذكره أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه،