شريكه في الرأي وأمينه على السر ثم عرف أبا بكر وجماعة من أصحابه بعد ذلك، وجرى الامر في ذلك على حال ما زال أمير المؤمنين منفردا بالفضل فيها.
فمن ذلك أن حاطب بن أبي بلتعة وكان من أهل مكة وشهد بدرا، كتب إلى أهل مكة كتابا يطلعهم على سر رسول الله صلى الله عليه وآله مسيره إليهم، فجاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بما فعل، وكان أعطى الكتاب امرأة سوداء كانت وردت المدينة مستميحة وأمرها ان تأخذ على غير الطريق، فاستدعى صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام وقال: إن بعض أصحابي قد كاتب أهل مكة يخبرهم بخبرنا، وقد كنت سألت الله ان يعمى أخبارنا عليهم، والكتاب مع امرأة سوداء وقد أخذت على غير الطريق فخذ سيفك وألحقها وانتزع الكتاب منها وخلها وعد إلى.
وأنفذ الزبير معه فمضيا وأدركا الامرأة وسبق إليها الزبير وسألها عن الكتاب فأنكرته وحلفت، فقال الزبير: ما أرى معها كتابا يا أبا الحسن فارجع بنا إلى رسول الله نخبره ببراءة ساحتها، فقال أمير المؤمنين: يخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله ان معها كتابا ويأمرني بأخذه وتقول: لا كتاب، معها ثم اخترط سيفه وقال: والله لئن لم تخرجي الكتاب لأضربن عنقك، فقالت: إذا كان كذلك فاعرض عنى حتى أخرجه، فاعرض بوجهه فكشفت وجهها وأخرجته من عقيصتها فاخذه أمير المؤمنين عليه السلام وصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله.
فامر أن ينادى بالصلاة جامعة، فنودي واجتمعوا، ثم صعد المنبر وأخذ الكتاب فقال: أيها الناس إني كنت سألت الله عز اسمه أن يخفى أخبارنا عن قريش، وان رجلا كتب إلى أهله يخبرهم خبرنا فليقم صاحب الكتاب، وإلا فضحه الوحي فلم يقم أحد فأعاد ثانية فقام حاطب وهو يرعد كالسعفة وقال: أنا صاحب الكتاب، وما أحدثت نفاقا بعد إسلامي ولا