صاغرين، فقال له عامر بن الطفيل: وما علمك أنا أقررنا له؟ فقال: علمني شعرك حين فضلته على نفسك، قال: ثم أقبل الغلام على العباس بن مرداس السلمي فقال له: يا عباس! ألست القائل يوم فضلت عمرا على نفسك، قال: ثم أقبل الغلام على عنترة بن شداد وقال له: وأما أنت يا عنترة فإنك لم تشهد ذلك المشهد والكذب عار على الأحرار، قال: فقال له عامر بن الطفيل: حسبك يا غلام من كثرة القول، أما ما ذكرت من تفضيلنا عمرا على أنفسنا فلعمري لقد كان ذلك في وقت من الأوقات ولم نجد بدا من تفضيله ولكن ما أنت وعمرو ولست كعمرو ولا دون عمرو وإنما أنت صبي من الصبيان فخل عن أختك وأهلك وانج بنفسك وخدمك وأمك وسائر أموالك، فقال الغلام: أيجوز هذا يا عامر أن أخلى عن أختي وأهلي وقد أوصاني... (1) بحفظ الجار، وطلب الثأر، ونفى العار، ومنع الدمار، لسنا واللات والعزى كأولاد قيس غيلان، إنما نحن ولد قحطان، أصحاب الضراب والطعان، ملوك الشرق والغرب، وأحلاس (2) الوخز والضرب، ما أنتم عندي إلا كما قال سيدكم عمرو بن معدي كرب حيث يقول - شعر:
والله ما لبني غيلان مكرمة * فرع قديم ولا أس بتأسيس.
قال: فغضب عامر بن الطفيل من قوله غضبا شديدا وهم أن يحمل عليه ثم خشي أن يغلبه الغلام فتكون فضيحة ومسبة عليه، فأقبل على أصحابه وقال لرجل يقال له (ضمضم): يا ضمضم! أخرج إلى هذا الغلام فاكفنا أمره، فخرج ضمضم نحو الهلقام وهو يرتجز، فبدر إليه الهلقام بن الحارث وهو يرتجز، فالتقيا بطعنتين طعنه الهلقام طعنة أرداه عن فرسه قتيلا.
قال: فاغتم القوم بقتل ضمضم بن عاصم العامري غما شديدا، فأقبل عنترة بن شداد على رجل من بني عبس يقال له (عمرو بن دعامة) فقال: ويحك يا عمرو! أخرج إلى هذا الكلب فاكفنا أمره، فخرج عمرو بن دعامة نحو الهلقام وهو يرتجز، قال: فبدر إليه الهلقام بن الحارث، قال: والتقيا بطعنتين طعنه الهلقام طعنة فقتله، ثم جال جولة ووقف.