ثم أمر (القادة) بمراعاة أحوال الجنود وتقديم الاخلاص والاتحاد ثم استودعهم الله. وانطلقوا إلى وجهتهم لغزو الروم في بلاد الشام.
ثم وصل الخبر إلى هرقل ملك الروم وقد كان في فلسطين. فأقسم مع نسائه وأولاده على مقتضى دينه ومذهبه بأن يثبتوا في قتال المسلمين، وأنه ما دام يوجد منهم رجل واحد على قيد الحياة فلن يرجعوا ولن يعودوا حتى يفتحوا فلسطين.
ثم استدعى هرقل قادة جيشه وشرح لهم كيفية وصول جيش العرب وقال عنهم: إنهم يملكون فكرة هائلة، ويدعون أن نبيهم أخبرهم بالنصر على هذه البلاد، وهم بناء لذلك جاؤوا إلينا وليس لديهم شك في بشارة نبيهم] (1). ودينه هدى وفعاله تقى، فلما غيرتم وبدلتم لجمع فيكم قوم ما كنا نعتد بهم ولا نخاف أن نبتلى بهم، والآن فقد ساروا إليكم حفاة عراة جياعا نياعا قد أطرهم (2) إلى بلادكم قحط المطر وجدوبة الأرض وسوء الحال، وقد جاؤكم وهم يزعمون أن نبيهم الذي كان لهم خبرهم بأنهم ظاهرون على بلادكم وأهلها وقد أتوكم بنسائهم وأولادهم، وهم لا يشكون في الذي قال لهم نبيهم أنه سيكون، فخذوا الآن أهبتكم وأعدوا لهم عدتكم وسيروا إليهم وقاتلوهم عن دينكم وبلادكم ونسائكم وأولادكم، ألا! وإني شاخص عنكم وأنا ممدكم بالخيل والرجال ومؤمر عليكم أمراء فاسمعوا لهم وأطيعوا، قال: ثم بعث هرقل بكتابه إلى دمشق وحمص وأنطاكية وحلب وجميع بلاد الشام فحذرهم مسير العرب إلى ما قبلهم، ثم جمعهم وحشر منهم خلقا كثيرا.
قال: وسار أبو عبيدة بن الجراح بالمسلمين من المدينة حتى صار إلى وادي القرى (3) فنزل هنالك حتى اجتمع إليه الناس، ثم سار من وادي القرى فأخذ على الأقرع من بلاد الحجر، وهي بلاد صالح النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخذ على ذات المنار (4) على الأخضر، ثم الجنينة، ثم على تبوك ثم دخل أرض الشام (5)، وبلغ ذلك