(لا يزال هذا الدين ظاهرا على كل من ناوأه، حتى يقوم الدين وأهله ظاهرون).
فقال: سبحان الله! ما أحسن هذا الحديث! لقد سررتني به سرك الله.
ثم التفت الصديق إلى الصحابة وقال:
(أيها الناس. إن الله قد أنعم عليكم بالاسلام وأكرمكم بالجهاد، وفضلكم بهذا الدين على كل دين، فتجهزوا عباد الله إلى غزو الروم بالشام، فإني مؤمر عليكم أمراء، وعاقد لكم ألوية. فأطيعوا ربكم ولا تخالفوا أمراءكم لتحسن نيتكم وأشربتكم وأطعمتكم، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).
فأجابه خالد بن سعيد وهو أخ لعمرو بن العاص قائلا:
أنت أميرنا ونحن رعيتك، فمنك الامر ومنا الطاعة. فنحن مطيعون لامرك وحيثما توجهنا نتوجه. فقال الصديق: جزاك الله خيرا. تهيأ لقيادة هذا الجيش.
فقبل خالد ذلك وقال: إنني مع إخواني وأبناء عمومتي قد وطنا العزم على الجهاد في سبيل الله وسنبذل ما في وسعنا لجهاد الكفرة. عسى الله أن يحقق لنا أملنا أو يكون في ذلك انقضاء آجالنا. وإني أشهدك على ذلك وسائر من حضر. وإننا لا نرجو ثناء من أحد. فأثنى الصديق على موقفه.
(وكان خالد عاملا لرسول الله على اليمن) فرأى الفاروق أن حرب الشام تقتضي قائدا أكفأ منه فقال للصديق: يا خليفة رسول الله! إن خالدا الذي عينته قائدا لهذا الوجه هو أهل لذلك بلا شك، ولكن في المسلمين رجالا هم أجدر بذلك منه لان أمر بني الأصفر ليس سهلا، فلديك مثلا أبو عبيدة وهو رجل مجرب وكذلك معاذ بن جبل وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان فالأولى أن يتولى القيادة مثل هؤلاء حتى تأتي النتائج على أفضل وجه (1).
فوافق أبو بكر على اقتراح عمر واستدعى هؤلاء الرجال وقال لهم: يا أبا عبيدة ويا معاذ ويا شرحبيل ويا يزيد: أنتم من حماة هذا الدين وقد فوضت إليكم أمر هذه الجيوش فاجتهدوا في الامر واثبتوا وكونوا يدا واحدة في مواجهة عدوكم.