العرب ودخلوهم إلى بلادكم بترككم وصية المسيح عيسى بن مريم، لأنه قد كان أوصاكم بأن لا تظلموا الناس وأنتم تظلمون الناس، ونهاكم عن الفجور وأنتم تفجرون، ونهاكم عن الكذب وأنتم تكذبون، ثم إنكم نزلتم بقوم أعززتم عليهم فأخذتم أموالهم وفجرتم بنسائهم، فخيروني ماذا يكون عذركم عند ربكم؟ وماذا تقولون للمسيح عيسى بن مريم وقد تركتم أمره وضيعتم وصيته وما كان يتلو عليكم من كتاب ربكم؟ وبعد فهذا عدوكم قد نزل بساحتكم ويريد قتلكم واستيصالكم وسبي نسائكم وأولادكم وأخذ أموالكم، فإن نزع سلطانكم من أيديكم وأظهر عليكم عدوكم فلا تلوموا إلا أنفسكم (1)، وبعد فقد بلغني المظلوم منكم يأت الرجل من بطارقتكم وساداتكم فيستعديه على ظالمه فلا يعديه، ويتظلم إليه فلا ينصره عليه لكنه يأمر بضربه وربما أمر بقتله (2)، فعجبا لأفعالكم هذه كيف لا تنهد لها الجبال وتزلزل منه الأرض وترعد السماوات بخطاياكم هذه العظام! واعلموا يا ولد الأصفر أن هؤلاء المظلومين ينصرهم الله وينتصف لهم، فإن فعل ذلك في الدنيا وإلا ففي الآخرة، لأنه لا يفوته ظلم ظالم ولا يعزب عن علمه بر ولا إثم، فإن أنتم كففتم عن الظلم وارتدعتم عن الفجور وقبلتم ما أمركم به المسيح عيسى بن مريم رجوت لكم أن تنصروا هؤلاء العرب وإلا فأيقنوا بالذل والهوان، واعلموا أنكم إن لم تؤمنوا بما أقول لكم فأنتم عندي أشر من الكلاب والخنازير وأسوء حال من البغال والحمير، ولقد سخط الله عز وجل على أعمالكم وأنا منكم برئ، وسترون عاقبة الظلم إلى ماذا يوردكم وإلى أي شئ مصيركم يؤول!
فضجت البطارقة من كل ناحية وقالوا: أيها الوزير! فإنا بعد هذا اليوم سامعون مطيعون لا نخرج لك عن أمر تأمرنا به، فأشر علينا برأيك وأمرنا بما تحب من أمرك.
فقال ماهان: أما في وقتي هذا فقد رأيت أن أبعث إلى هؤلاء العرب فأسألهم أن يبعثوا إلينا رجلا منهم يكون له فهم وعقل ورأى يعلم ما يقول ويقال له فنكلمه، ونطمعهم في شئ من أموالنا نعطيهم إياه فيأخذونه ويرجعون إلى صاحبهم الذي بعثهم إلى حربنا، فإن أجابوا إلى ذلك وقبلوه كان الذي يأخذونه منا قليلا عند ما نخاف على أنفسنا من هذه الوقعة التي لا ندري ألنا تكون أم علينا، فقالت البطارقة: