الله عز وجل كيدهم، وقلم أظفارهم وألقى الرعب في قلوبهم، فطلبوا منا الصلح وأذعنوا لنا بالجزية، فقبلنا ذلك منهم وكففنا عن قتالهم وصالحناهم على سبعين ألف دينار عاجلة وأداء الجزية بعد ذلك، ثم فتحوا لنا الأبواب واكتتبوا منا الأمان، فأخرجت من ذلك المال الخمس ووجهت به إلى أمير المؤمنين ليقسمه هنالك في حقه وقسمت باقي ذلك على المسلمين، وقد وجهت الجنود في النواحي التي فيها ملكهم وجنودهم الكثيرة، ونحن نسأل الله عز وجل ملك الموت وناصر الجنود أن يعز بنصره المسلمين وأن يخص بالذل المشركين، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال: فلما ورد كتاب أبي عبيدة على عمر رضي الله عنهما أخذ ذلك الخمس فقسمه على المسلمين ثم كتب جوابه (1): بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين إلى عامر بن الجراح، أما بعد فقد ورد كتابك تأمرني فيه بحمد الله على ما أفاء علينا من الأرض وفتح علينا من القلاع والحصون ومكن لنا في البلاد وصنع لنا ولكم أبلانا وإياكم البلاء الحسن، فالحمد لله على ذلك حمدا كثيرا له نفاد ولا يحصى له تعداد، وذكرت أنك وجهت جنودك في البلاد التي فيها ملك الروم وطاغيتهم، فلا تفعل! فليس ذلك برأيي، وابعث إلى خيلك واضممها إليك، وأقم مكانك الذي أنت فيه حتى يمضى باقي هذا الحول، ونرى من رأينا ونستعين بالله ذي الجلال والاكرام على أمورنا كلها، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال: فلما ورد كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي عبيدة بن الجراح أقبل على أمراء أجناد المسلمين فقال: قد علمتم أني وجهت ميسرة بن مسروق العبسي إلى ناحية من مدينة حلب والدروب والاقدام على ما هنالك من أرض الروم، وهذا كتاب أمير المؤمنين يأمرني فيه أن أصرف الخيل إلى ما قبلي، وإني أتربص باقي هذا الحول حتى يرى أمير المؤمنين رأيه، فهاتوا ما عندكم من الرأي، فقال المسلمون: ما الرأي إلا ما رآه أمير المؤمنين، فلا تعد دون ما أمرك به.
قال: فوجه أبو عبيدة بكتاب إلى ميسرة بن مسروق العبسي (2): أما بعد فإذا (3)