أني حامل على هذا الأعجمي، فإن بدرته بالصمصامة (1) فهي نفسه لا شك في ذلك، وإن بدرني بسيفه فصرعني عن فرسي فلا عليكم، ذروني وإياه فإنه لا يصل إلي حتى أقتله على كل حال.
قال: ثم استوى على الفرس وخرج نحو الأعجمي فنظر إليه شاهنشاه فحمل عليه، والتقيا بضربتين وقعت ضربة شاهنشاه في درقة (2) عمرو، وقعت ضربة عمرو في رأس شاهنشاه فقطع تاجه مع هامته فجدله قتيلا. قال: ثم نزل إليه عمرو فسلبه تاجه وما كان عليه من ثيابه وسلاحه، ثم استوى على فرسه.
قال: فاقتتل الفريقان قتالا شديدا إلى أن جاء الليل، فحجز بين الفريقين.
فلما كان من غد دنا القوم بعضهم من بعض، وأقبلت خنساء على أربعة أولادها رجال جلاد فقالت لهم (3): يا بني! أنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ووالله إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة، ووالله ما هجنت حسبكم ولا فضحت حالتكم (4)، وقد ترون ما أعدت الأعاجم للمسلمين، فإذا دنوتم من الحرب فباشروا خميسها ويمموا وسيطها وجالدوا رائسها تظفروا بالغنم والسلامة والزلفة والكرامة في دار الفوز والمقامة! قال: فقبل بنوها قولها. فلما دنا القوم بعضهم من بعض تقدم ابنها الأول ثم حمل (5)، فلم يزل يقاتل حتى قتل - رحمة الله عليه -، ثم تقدم الثاني