لحقوا بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأما ما ذكرت أنك أقمت في نحر العدو فإن أقمت في بلدك وبلدك أحب إليك من غيره، وأما ما سألتني من المصير إليك فإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لم يأمرني بذلك، فكن أنت أميرا على قومك وأنا أمير على قومي - والسلام).
قال: وجرى بينهما اختلاف وبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه (1)، فجمع المهاجرين والأنصار وشاورهم في أن يصير إلى العراق بنفسه، فكل أشار عليه بذلك وقال: يا أمير المؤمنين! إن جيشا تكون فيه أنت خير من جيش لم تحضره، وقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه فقال: يا أمير المؤمنين! إن كل إنسان يتكلم بما يحضره من الرأي، والرأي عندي أن لا تصير إلى العراق بنفسك، فإنك إن صرت إلى العراق وكان مع القوم حرب واختلط الناس لم تأمن أن يكون عدو من الأعداء يرفع صوته ويقول: قتل أمير المؤمنين! فيضطرب أمر الناس ويفشلوا عن حرب عدوهم ويظفر بهم العدو، ولكن أقم بالمدينة ووجه برجل يكفيك أمر العدو وليكن من المهاجرين والأنصار البدريين. فقال عمر: ومن تشير على أن أوجه به يا أبا الحسن؟ قال: أشير عليك أن توجه رجلا يشرح باليسير ويسر بالكثير، فقال عمر: من هذا أشير علي؟ قال علي: أما أنا فاني أشير عليك أن توجه إليهم سعد بن أبي وقاص، فقد عرفت منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: أحسنت! هو لها، ما لها سواه (2).
قال: ثم دعا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما فقال: يا سعد بني وهب! إن الله تبارك وتعالى إذا أحب خلقا حببه إلى خلقه، وأنا موجهك إلى أرض العراق