قال: وذهب ابنه وهب بن أبي عبيد (1) ليتقدم إلى الحرب... (2) إلى ذلك أبو محجن الثقفي، فأخذ الراية وتقدم نحو الفرس ثم حمل على الفرس فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة ثم رجع فدفع الراية إلى وهب بن أبي عبيد، فأخذ وهب الراية وتقدم ثم حمل، ولم يزل يقاتل حتى قتل - رحمة الله عليه -! وتقدم أخوه مالك بالراية ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل - رحمة الله عليه! ثم تقدم أخوهما الثالث فأخذ الراية ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل - رحمة الله عليه! قال: وتقدم رجل من المسلمين وهو سليط بن قيس الأنصاري ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل - رحمة الله عليه -! قال: وتقدم رجل من المسلمين يقال له عبد الله بن مرثد وسيفه في يده فصار إلى حبال الجسر فقطعها ومر الجسر منقطعا في الفرات (3). قال: وحمل هذا الرجل عبد الله بن مرثد على الفرس فلم يزل يقاتل حتى قتل - رحمة الله عليه!
قال: واشتبك الحرب وكثر القتل في المسلمين ثم وقعت الهزيمة على الفرس فانهزموا وأخذهم السيف فقتل منهم مقتلة عظيمة وجاء الليل واختلط الظلام، فرجع المسلمون إلى عسكرهم فدفنوا قتلاهم وباتوا هنالك، فلما أصبحوا عقدوا الجسر ثانية ثم إنهم عبروا إلى عسكرهم الأول فنزلوا فيه.
وأفلت رجل يقال له معاذ بن حصين الأنصاري (4) فمر على وجهه يقطع البلاد حتى صار إلى المدينة، فدخل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في المسجد فسلم عليه ثم وقف بين يديه فأنشأ يقول... (5) قال: فقطع عليه عمر فقال:
يا أبا الحصين! دعنا من الشعر، خبرنا بأمر الناس، فقال: يا أمير المؤمنين! أنعى