أذكر كم الله أن تخذلوا قومكم ونبيكم عندما حضر من عدوهم، فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمنا كم، ولكنا لا نرى أنه يكون قتال. قال: فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم، قال: أبعدكم الله أعداء الله، فسيغني الله عنكم نبيه.
قال ابن هشام: وذكر غير زياد، عن محمد بن إسحاق عن الزهري: أن الأنصار يوم أحد، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا نستعين بحلفائنا من يهود؟ فقال: لا حاجة لنا فيهم قال زياد: حدثني محمد بن إسحاق، قال: ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك في حرة بنى حارثة، فذب فرس بذنبه، فأصاب كلاب سيف فاستله.
قال ابن هشام: ويقال: كلاب سيف.
قال ابن إسحاق: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يحب الفأل ولا يعتاف، لصاحب السيف: شم سيفك، فإني أرى السيوف ستسل اليوم.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: من رجل يخرج بنا على القوم من كثب: أي من قرب، من طريق لا يمر بنا عليهم؟ فقال أبو خيثمة أخو بنى حارثة بن الحارث: أنا يا رسول الله، فنفذ به في حرة بنى حارثة، وبين أموالهم، حتى سلك في مال لمربع بن قيظي، وكان رجلا منافقا ضرير البصر، فلما سمع حس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين، قام يحثى في وجوههم التراب، ويقول: إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل حائطي. وقد ذكر لي أنه أخذ حفنة من تراب في يده، ثم قال: والله لو أعلم أنى لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك. فابتدره القوم ليقتلوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتلوه، فهذا الأعمى أعمى القلب، أعمى البصر.