قال ابن إسحاق: وقد كانت كاهنة من حدس - حين سمعت بجيش رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا - قد قالت لقومها من حدس، وقومها بطن يقال لهم بنو غنم - أنذركم قوما خزرا، ينظرون شزرا، ويقودون الخيل تترى، ويهريقون دما عكرا، فأخذوا بقولها، واعتزلوا من بين لخم، فلم تزل بعد أثرى حدس. وكان الذين صلوا الحرب يومئذ بنو ثعلبة، بطن من حدس، فلم يزالوا قليلا بعد. فلما انصرف خالد بالناس أقبل بهم قافلا.
قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، قال: لما دنوا من حول المدينة تلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون.
قال: ولقيهم الصبيان يشتدون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل مع القوم على دابة، فقال: خذوا الصبيان فاحملوهم وأعطوني ابن جعفر. فأتى بعبد الله فأخذه فحمله بين يديه، قال: وجعل الله الناس يحثون على الجيش التراب، ويقولون:
يا فرار، فررتم في سبيل الله! قال: فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليسوا بالفرار، ولكنهم الكرار إن شاء الله تعالى.
قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن بعض آل الحارث بن هشام، وهم أخواله، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قالت أم سلمة لامرأة سلمة بن هشام بن العاص بن المغيرة: مالي لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين؟ قالت: والله ما يستطيع أن يخرج، وكلما خرج صاح به الناس: يا فرار، فررتم في سبيل الله، حتى قعد في بيته فما يخرج.
قال ابن إسحاق: وقد قال فيما كان من أمر الناس وأمر خالد ومحاشاته بالناس وانصرافه بهم، قيس بن المحسر اليعمري، يعتذر مما صنع يومئذ وصنع الناس: