قال ابن إسحاق: ثم مضى الناس، فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن زيد بن أرقم، قال: كنت يتيما لعبد الله بن رواحة في حجره، فخرج بي في سفره ذلك مردفي على حقيبة رحله، فوالله إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه:
إذا أديتني وحملت رحلي * مسيرة أربع بعد الحساء فشأنك أنعم وخلاك ذم * ولا أرجع إلى أهل ورائي وجاء المسلمون وغادروني * بأرض الشام مشتهى الثواء وردك كل ذي نسب قريب * إلى الرحمن منقطع الاخاء هنالك لا أبالي طلع بعل * ولا نخل أسافلها رواء فلما سمعتهن منه بكيت. قال: فخفقني بالدرة، وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله شهادة وترجع بين شعبتي الرحل!
قال: ثم قال عبد الله بن رواحة في بعض سفره ذلك وهو يرتجز:
يا زيد زيد اليعملات الذبل * تطاول الليل هديت فأنزل قال ابن إسحاق: فمضى الناس، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل، من الروم والعرب، بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف، ثم دنا العدو، وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فالتقى الناس عندها، فتعبأ لهم المسلمون، فجعلوا على ميمنتهم رجلا من بنى عذرة، يقال له: قطبة بن قتادة، وعلى ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له: عباية بن مالك قال ابن هشام: وبقال عبادة بن مالك.
قال ابن إسحاق: ثم التقى الناس واقتتلوا، فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم.