قال ابن إسحاق: (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم)، والمعرة: الغرم، أي أن تصيبوا منهم [معرة] بغير علم فتخرجوا ديته، فأما إثم فلم يخشه عليهم.
قال ابن هشام: بلغني عن مجاهد أنه قال: نزلت هذه الآية في الوليد ابن الوليد بن المغيرة، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وأبى جندل ابن سهيل، وأشباههم.
قال ابن إسحاق: ثم قال تبارك وتعالى: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية، حمية الجاهلية) يعنى سهيل بن عمرو حين حمى أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم، وأن محمدا رسول الله، ثم قال تعالى: (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، وألزمهم كلمة النقوي، وكانوا أحق بها وأهلها - 26 من سورة الفتح): أي التوحيد، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله.
ثم قال تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون، فعلم ما لم تعلموا - 27 من سورة الفتح): أي لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رأى، أنه سيدخل مكة آمنا لا يخاف، يقول: محلقين رؤسكم ومقصرين معه، لا تخافون، فعلم من ذلك ما لم تعلموا، فجعل من دون ذلك فتحا قريبا، صلح الحديبية.
يقول الزهري: فما فتح في الاسلام فتح قبله كان أعظم منه، إنما كان القتال حيث التقى الناس، فلما كانت الهدنة، ووضعت الحرب، وأمن الناس بعضهم بعضا، والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، فلم يكلم أحد بالاسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه، ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الاسلام قبل ذلك أو أكثر.