نفسا بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم [لهم] ولا خذلانه.
قال ابن إسحاق: وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدت أن قريشا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة، بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا بن أخي، إن قومك قد جاؤوني، فقالوا لي كذا وكذا، للذي [كانوا] قالوا له، فأبق على وعلى نفسك، ولا تحملني من الامر مالا أطيق قال: فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء وأنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه، قال، فقال [له] رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الامر حتى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته. قال: ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب، فقال: أقبل يا بن أخي. قال: فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشئ أبدا.
قال ابن إسحاق: ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه، وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له، فيما بلغني: يا أبا طالب، هذا عمارة بن الوليد. أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولدا فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل، فقال:
والله لبئس ما تسومونني! أتعطفونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه؟
هذا والله مالا يكون أبدا. قال: فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ابن قصي: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، وجهدوا على التخلص مما تكرهه، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا، فقال أبو طالب للمطعم: والله ما أنصفوني، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم على، فاصنع ما بدا لك،