وكان لهم عناية بالأدباء وخصوصا عبد الملك، والأدب لا ينمو ويثمر إلا في ظل محبيه من الملوك والأمراء، فلا عجب إذا كان أكثر أحاديث الناس في مجتمعاتهم ومنتدياتهم في الشعر ومن هو أشعر الشعراء.
وفي الكوفة احتك العرب بغيرهم من الأمم المتمدنة، وفيها اشتغل المسلمون بجمع أخبار العرب وأشعارهم وأمثالهم، وفيها ولدت الآداب اللسانية، فتكاثرت فيها الأندية الأدبية، وذلك من جملة البواعث على زهو الشعر في الكوفة، فلا غرو إذا نبغ فيها الشعراء والأدباء، ولعل شعراء السياسة أكثر من غيرهم من سائر الطبقات، إذ قلما نبغ شاعر لم يتعرض لأحد الأحزاب التي كانت شائعة يومئذ، لا سيما في الكوفة التي كانت معروفة بأنها علوية المبدأ على الأكثر، فكان فيها من أنصار العلويين أو الهاشميين، ومن أنصار الأمويين، وفيها من أنصار الخوارج، وآل الزبير وغيرهم.
هكذا كانوا الشعراء أيام الخلفاء والأمراء الأمويين، أما في العصر العباسي فكان الغرض الغالب من تقريب الشعراء رغبة الخلفاء والأمراء في الأدب، وكثيرا ما كانت تعقد مجالس الشعراء لغرض أدبي كوصف منظر أو سيف، كما فعل الهادي إذ استقدم الشعراء إليه واقترح عليهم أن يصفوا سيفا أهداه إليه المهدي وهو سيف معدي كرب، فوضع السيف بين يديه وقال للشعراء: صفوه.
فنال الجائزة ابن يامين البصري (1).
وإليك فيما يلي أسماء طائفة من الشعراء الذي نبغوا في الكوفة، معتمدين على