تاريخ الكوفة - السيد البراقي - الصفحة ٤٩٥
وكان لهم عناية بالأدباء وخصوصا عبد الملك، والأدب لا ينمو ويثمر إلا في ظل محبيه من الملوك والأمراء، فلا عجب إذا كان أكثر أحاديث الناس في مجتمعاتهم ومنتدياتهم في الشعر ومن هو أشعر الشعراء.
وفي الكوفة احتك العرب بغيرهم من الأمم المتمدنة، وفيها اشتغل المسلمون بجمع أخبار العرب وأشعارهم وأمثالهم، وفيها ولدت الآداب اللسانية، فتكاثرت فيها الأندية الأدبية، وذلك من جملة البواعث على زهو الشعر في الكوفة، فلا غرو إذا نبغ فيها الشعراء والأدباء، ولعل شعراء السياسة أكثر من غيرهم من سائر الطبقات، إذ قلما نبغ شاعر لم يتعرض لأحد الأحزاب التي كانت شائعة يومئذ، لا سيما في الكوفة التي كانت معروفة بأنها علوية المبدأ على الأكثر، فكان فيها من أنصار العلويين أو الهاشميين، ومن أنصار الأمويين، وفيها من أنصار الخوارج، وآل الزبير وغيرهم.
هكذا كانوا الشعراء أيام الخلفاء والأمراء الأمويين، أما في العصر العباسي فكان الغرض الغالب من تقريب الشعراء رغبة الخلفاء والأمراء في الأدب، وكثيرا ما كانت تعقد مجالس الشعراء لغرض أدبي كوصف منظر أو سيف، كما فعل الهادي إذ استقدم الشعراء إليه واقترح عليهم أن يصفوا سيفا أهداه إليه المهدي وهو سيف معدي كرب، فوضع السيف بين يديه وقال للشعراء: صفوه.
فنال الجائزة ابن يامين البصري (1).
وإليك فيما يلي أسماء طائفة من الشعراء الذي نبغوا في الكوفة، معتمدين على

١ - وما قاله ابن يامين:
حاز صمصامه الزبيدي من * بين جميع الأنام موسى الأمين سيف عمرو وكان فيما سمعنا * خير ما أغمدت عليه الجفون أخضر اللون بين حديه برد * من ذعاف تميس فيه المنون أوقدت فوقه الصواعق نارا * ثم شابت فيه الذعاف القيون فإذا ما سللته بهر الشمس * ضياء فلم تكد تستبين ما يبالي من انتضاه لضرب * أشمال سطت به أم يمين وكأن الفرند والجوهر الجاري * في صفحتيه ماء معين نعم مخراق ذي الحفيظة في * الهيجاء يعصى به ونعم القرين انظر: فتوح البلدان: ١ / ١٤٣، اعجاز القرآن للباقلاني: 242، مروج الذهب: 2 / 188.
(٤٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 ... » »»
الفهرست