وكتب عمر بن الخطاب إلى سعد: أن اختط موضع المسجد الجامع على عدة مقاتلتكم، فخط على أربعين ألف إنسان، فلما قدم زياد زاد فيه عشرين ألف إنسان، وجاء بالآجر وجاء بأساطينه من الأهواز.
قال أبو الحسن محمد بن علي بن عامر الكندي البندار: أنبأنا علي بن الحسن بن صبيح البزاز قال: سمعت بشر بن عبد الوهاب القرشي مولى بني أمية، وكان صاحب خير وفضل، وكان ينزل دمشق، وذكر قدر الكوفة فكانت ستة عشر ميلا وثلثي ميل، وذكر أن فيها خمسين ألف دار للعرب من ربيعة ومضر، وأربعة وعشرين ألف دار لسائر العرب، وستة آلاف دار لليمن، أخبرني بذلك سنة (264) (1).
وقال الشعبي: كنا نعد أهل اليمن اثني عشر ألف، وكانت نزار ثمانية آلاف، وولى سعد بن أبي وقاص السائب بن الأقرع وأبا الهياج الأسدي، خطط الكوفة فقال ابن الأقرع لجميل بن بصبهري دهقان الفلوجة: اختر لي مكانا من القرية.
قال: ما بين الماء إلى دار الإمارة. فاختط لثقيف في ذلك الموضع.
وقال الكلبي: قدم الحجاج بن يوسف على عبد الملك بن مروان ومعه أشراف العراقيين، فلما دخلوا على عبد الملك بن مروان تذاكروا أمر الكوفة والبصرة، فقال محمد بن عمير العطاردي الكوفة: سفلت عن الشام ووبائها، وارتفعت عن البصرة وحرها، فهي (برية) (2) مريئة مريعة، إذا أتتنا الشمال ذهبت مسيرة شهر على مثل رضراض الكافور، وإذا هبت الجنوب جاءتنا ريح السواد وورده وياسمينه واترنجه، ماؤنا عذب وعيشنا خصب.
فقال عبد الملك بن الأهتم السعدي: نحن والله يا أمير المؤمنين أوسع منهم برية، وأعد منهم في السرية، وأكثر منهم ذرية، وأعظم منهم نفرا، يأتينا ماؤنا عفوا صفوا، ولا يخرج من عندنا إلا سائق أو قائد.
فقال الحجاج: يا أمير المؤمنين إن لي بالبلدين خبرا.
فقال: هات غير متهم فيهم.
فقال: أما البصرة: فعجوز شمطاء بخراء دفراء أوتيت من كل حلي، وأما الكوفة: فبكر عاطل عيطاء لا حلي لها ولا زينة.