بجالة وبجلة على طريق، وجديلة وأخلاط على طريق، وجهينة وأخلاط على طريق، فكان هؤلاء الذين يلون الصحن وسائر الناس بين ذلك ومن وراء ذلك واقتسمت على السهمان، فهذه مناهجها العظمى.
وبنوا مناهج دونها تحاذي هذه ثم تلاقيها، وأخر تتبعها وهي دونها في الذرع، والمحال من ورائها وفيما بينهما، وجعل هذه الطرقات من وراء الصحن، ونزل فيها الأعشار من أهل الأيام والقوادس، وحمى لأهل الثغور والموصل أماكن حتى يوافوا إليها، فلما ردفتهم الروادف البدء والثناء وكثروا عليهم ضيق الناس المحال، فمن كانت رادفته كثيرة شخص إليهم وترك محلته، ومن كانت رادفته قليلة أنزلوهم منازل من شخص إلى رادفته لقلته إذا كانوا جيرانهم، وإلا وسعوا على روادفهم وضيقوا على أنفسهم، فكان الصحن على حاله زمان عمر كله، لا تطمع فيه القبائل ليس فيه إلا المسجد والقصر والأسواق في غير بنيان ولا أعلام.
وقال عمر: الأسواق على سنة المساجد من سبق إلى مقعد، فهو له حتى يقوم منه إلى بيته أو يفرغ من بيعه، وقد كانوا أعدوا مناخا لكل رادف، فكان كل من يجيء سواء فيه - وذلك المناخ اليوم دور بني البكاء - حتى يأتوا أبا الهياج فيقوم في أمرهم حتى يقطع لهم حيث أحبوا.
وقد بنى سعد في الذي خطوا للقصر قصرا بحيال محراب مسجد الكوفة اليوم فشيده وجعل فيه بيت المال وسكن ناحيته، ثم إن بيت المال نقب عليه نقبا وأخذ من المال، وكتب سعد بذلك إلى عمر (ووصف له موضع الدار وبيوت المال من الصحن مما يلي ودعة الدار) (1).
فكتب إليه عمر: أن انقل المسجد حتى تضعه إلى جنب الدار، واجعل الدار قبلته، فإن للمسجد أهلا بالنهار وبالليل وفيهم حصن لمالهم.
فنقل المسجد وأراغ بنيانه فقال له دهقان من أهل همذان يقال له: روزبه بن بزرجمهر: أنا أبنيه لك وأبني لك قصرا فأصلهما ويكون بنيانا واحدا.
فخط قصر الكوفة على ما خط عليه، ثم أنشأه من نقض آخر قصر كان للأكاسرة في ضواحي الحيرة على مساحته اليوم ولم يسمح به، ووضع المسجد بحيال بيوت