وكان أولا مولى للطفيل بن الحارث أخي عائشة لأمها أم رومان، فأسلم قديما قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم التي عند الصفا مستخفيا، فكان عامر يعذب مع جملة المستضعفين بمكة ليرجع عن دينه فيأبى، فاشتراه أبو بكر الصديق فأعتقه، فكان يرعى له غنما بظاهر مكة. ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر كان معهما رديفا لأبي بكر ومعهم الدليل الدئلي فقط كما تقدم مبسوطا، ولما وردوا المدينة نزل عامر بن فهيرة على سعد بن خيثمة، وآخى رسول الله بينه وبين أوس بن معاذ وشهد بدرا وأحدا، وقتل يوم بئر معونة كما تقدم وذلك سنة أربع من الهجرة، وكان عمره إذ ذاك أربعين سنة. فالله أعلم. وقد ذكر عروة وابن إسحاق والواقدي وغير واحد، أن عامرا قتله يوم بئر معونة رجل يقال له جبار بن سلمى من بني كلاب، فلما طعنه بالرمح قال: فزت ورب الكعبة، ورفع عامر حتى غاب عن الابصار حتى قال عامر بن الطفيل: لقد رفع حتى رأيت السماء دونه، وسئل عمرو بن أمية عنه فقال: كان من أفضلنا ومن أول أهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم قال جبار:
فسألت الضحاك بن سفيان عما قال ما يعني به؟ فقال يعني الجنة. ودعاني الضحاك إلى الاسلام فأسلمت لما رأيت من قتل عامر بن فهيرة، فكتب الضحاك إلى رسول الله يخبره بإسلامي وما كان من أمر عامر، فقال " وارته الملائكة وأنزل عليين " وفي الصحيحين عن أنس أنه قال قرأنا فيهم قرآنا أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا، وقد تقدم ذلك وبيانه في موضعه عند غزوة بئر معونة. وقال محمد بن إسحاق: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، أن عامر بن الطفيل كان يقول:
من رجل منكم لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء دونه؟ قالوا عامر بن فهيرة.
وقال الواقدي: حدثني محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن عروة عن عائشة قال: رفع عامر بن فهيرة إلى السماء فلم توجد جثته، يرون أن الملائكة وارته.
ومنهم رضي الله عنهم عبد الله بن أرقم بن أبي الأرقم المخزومي. أسلم عام الفتح وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم. قال الامام مالك: وكان ينفذ ما يفعله ويشكره ويستجيده. وقال سلمة عن محمد بن إسحاق بن يسار، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله استكتب عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث، وكان يجيب عنه الملوك، وبلغ من أمانته أنه كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك فيكتب، ويختم على ما يقرأه لأمانته عنده. وكتب لأبي بكر وجعل إلى بيت المال، وأقره عليهما عمر بن الخطاب، فلما كان عثمان عزله عنهما.
قلت: وذلك بعدما استعفاه عبد الله بن أرقم، ويقال إن عثمان عرض عليه ثلاثمائة ألف درهم عن أجرة عمالته فأبى أن يقبلها وقال: إنما عملت لله فأجري على الله عز وجل.
قال ابن إسحاق: وكتب لرسول الله زيد بن ثابت، فإذا لم يحضر ابن الأرقم وزيد بن ثابت كتب من حضر من الناس وقد كتب عمر وعلي وزيد والمغيرة بن شعبة ومعاوية وخالد بن سعيد بن العاص وغيرهم ممن سمي من العرب. وقال الأعمش: قلت لشقيق بن سلمة من كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال عبد الله بن الأرقم، وقد جاءنا كتاب عمر بالقادسية وفي أسفله، وكتب عبد الله بن