* (وآخرون اعترفوا بذنوبهم) * الآية. و * (عسى) * من الله واجب. فلما أنزلت أرسل إليهم رسول الله فأطلقهم وعذرهم، فجاؤوا بأموالهم وقالوا: يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا، فقال " ما أمرت أن آخذ أموالكم " فأنزل الله * (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم ونزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم وان الله سميع عليم) * [التوبة: 103] إلى قوله * (وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) * وهم الذين لم يربطوا أنفسهم بالسواري فارجئوا حتى نزل قوله تعالى * (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين خلفوا) * [التوبة: 117] إلى آخرها. وكذا رواه عطية بن سعيد العوفي عن ابن عباس بنحوه (1).
وقد ذكر سعيد بن المسيب، ومجاهد، ومحمد بن إسحاق قصة أبي لبابة وما كان من أمره يوم بني قريظة وربط نفسه حتى تيب عليه، ثم إنه تخلف عن غزوة تبوك فربط نفسه أيضا حتى تاب الله عليه، وأراد أن ينخلع من ماله كله صدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " يكفيك من ذلك الثلث " قال مجاهد وابن إسحاق: وفيه نزل * (وآخرون اعترفوا بذنوبهم) * الآية: قال سعيد بن المسيب:
ثم لم ير منه بعد ذلك في الاسلام إلا خيرا رضي الله عنه وأرضاه.
قلت: ولعل هؤلاء الثلاثة لم يذكروا معه بقية أصحابه واقتصروا على أنه كان كالزعيم لهم كما دل عليه سياق ابن عباس والله أعلم. وروى الحافظ البيهقي: من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري، عن سليمة بن كهيل، عن عياض بن عياض، عن أبيه عن ابن مسعود قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " إن منكم منافقين فمن سميت فليقل قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان " حتى عد ستة وثلاثين، ثم قال " إن فيكم - أو أن منكم - منافقين فسلوا الله العافية " قال: فمر عمر برجل متقنع وقد كان بينه وبينه معرفة فقال: ما شأنك؟ فأخبره بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعدا لك سائر اليوم (2).
قلت: كان المتخلفون عن غزوة تبوك أربعة اقسام، مأمورون مأجورون كعلي بن أبي طالب ومحمد بن مسلمة، وابن أم مكتوم، ومعذورون وهم الضعفاء والمرضى، والمقلون وهم البكاؤون، وعصاة مذنبون وهم الثلاثة، أبو لبابة وأصحابه المذكورون، وآخرون ملومون مذمومون وهم المنافقون.
ما كان من الحوادث بعد منصرفه من تبوك قال الحافظ البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، إملاء، أخبرنا أبو العباس محمد بن