إنه عليه السلام لبد رأسه ليكون أحفظ لما فيه من الطيب وأصون له من استقرار التراب والغبار.
قال مالك عن نافع عن ابن عمر. إن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك. قال: " إني لبدت رأسي، وقلدت هدي فلا أحل حتى أنحر ". وأخرجاه في الصحيحين من حديث مالك وله طرق كثيرة عن نافع.
قال البيهقي: أنبأنا الحكام، أنبأنا الأصم، أنبأنا يحيى، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا عبد الاعلى ثنا محمد بن إسحاق، عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبد رأسه بالعسل. وهذا إسناد جيد ثم أنه عليه السلام أشعر (1) الهدي وقلده وكان معه بذي الحليفة. قال الليث عن عقيل عن الزهري عن سالم عن أبيه تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة. وسيأتي الحديث بتمامه وهو في الصحيحين والكلام عليه إن شاء الله. وقال مسلم: حدثنا محمد بن المثنى، ثنا معاذ بن هشام، هو الدستوائي، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي حسان عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى ذا الحليفة دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وسلت الدم وقلدها نعلين ثم ركب راحلته. وقد رواه أهل السنن الأربعة من طرق عن قتادة. وهذا يدل على أنه عليه السلام تعاطى هذا الاشعار والتقليد بيده الكريمة في هذه البدنة وتولى إشعار بقية الهدي وتقليده غير، فإنه قد كان هدي كثير أما مائة بدنة أو أقل منها بقليل، وقد ذبح بيده الكريمة ثلاثا وستين بدنة وأعطى عليا فذبح ما غبر (2) وفي حديث جابر أن عليا قدم من اليمن ببدن للنبي صلى الله عليه وسلم وفي سياق ابن إسحاق أنه عليه السلام أشرك عليا في بدنه والله أعلم. وذكر غيره أنه ذبح هو وعلي يوم النحر مائة بدنة فعلى هذا يكون قد ساقها معه من ذي الحليفة وقد يكون اشترى بعضها بعد ذلك وهو محرم.
باب بيان الموضع الذي أهل منه عليه السلام واختلاف الناقلين لذلك وترجيح الحق في ذلك تقدم الحديث الذي رواه البخاري من حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة عن ابن عباس عن عمر. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي العقيق يقول: أتاني آت من ربي فقال:
صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة. وقال البخاري (3) باب الاهلال عند مسجد ذي