قال فجئناها وقد سبق مائها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشئ من ماء، فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم " هل مسستما من مائها شيئا "، قالا: نعم فسبهما وقال لهما: ما شاء الله أن يقول، ثم غرفوا من العين قليلا قليلا حتى اجتمع في شئ، ثم غسل رسول الله فيه وجهه ويديه، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير، فاستقى الناس ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا معاذ يوشك إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملئ جنانا " أخرجه مسلم من حديث مالك به (1).
ذكر خطبته صلى الله عليه وسلم إلى تبوك إلى نخلة هناك روى الإمام أحمد: عن أبي النضر هاشم بن القاسم، ويونس بن محمد المؤدب وحجاج بن محمد ثلاثتهم عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير عن أبي الخطاب، عن أبي سعيد الخدري أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك خطب الناس وهو مسند ظهره إلى نخلة فقال " ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس، إن من خير الناس رجلا عمل في سبيل الله على ظهر فرسه، أو على ظهر بعيره، أو على قدميه حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب الله لا يرعوي إلى شئ منه " (2) ورواه النسائي عن قتيبة عن الليث به وقال أبو الخطاب لا أعرفه. وروى البيهقي: من طريق يعقوب بن محمد الزهري، عن عبد العزيز بن عمران، حدثنا مصعب بن عبد الله عن (3) منظور بن جميل بن سنان أخبرني أبي، سمعت عقبة بن عامر الجهني: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فاسترقد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح، قال " ألم أقل لك يا بلال اكلا لنا الفجر " فقال يا رسول الله ذهب بي من النوم مثل الذي ذهب بك، قال: فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزله غير بعيد، ثم صلى وسار بقية يومه وليلته فأصبح بتبوك، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال " أيها الناس أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأمور عوازمها (4) وشر الأمور محدثاتها، وأحسن الهدى هدى الأنبياء وأشرف الموت قتل الشهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير الأعمال ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة يوم القيامة، ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا دبرا. ومن الناس من لا يذكر