صالح الهمداني، عن الشعبي، عن عبد خير عن زيد بن أرقم به. قال شيخنا في الأطراف لعل عبد خير هذا هو عبد الله بن الخليل ولكن لم يضبط الراوي اسمه قلت: فعلى هذا يقوى الحديث، وإن كان غيره كان أجود لمتابعته له لكن الأجلح بن عبد الله الكندي فيه كلام ما، وقد ذهب إلى القول بالقرعة في الأنساب الإمام أحمد وهو من أفراده. وقال الإمام أحمد: ثنا أبو سعيد، ثنا إسرائيل ثنا سماك، عن حنش عن علي قال: بعثني رسول الله إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية للأسد فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر ثم تعلق آخر بآخر حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الأسد، فانتدب له رجل بحربة فقتله وماتوا من جراحتهم كلهم. فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر فأخرجوا السلاح ليقتتلوا فأتاهم علي على تعبية ذلك فقال: تريدون أن تقاتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي أني أقضي بينكم قضاء، إن رضيتم فهو القضاء وإلا أحجز بعضكم عن بعض حتى تأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فيكون هو الذي يقضي بينكم فمن عدا بعد ذلك فلا حق له، اجمعوا من قبائل الذين حضروا البئر ربع الدية، وثلث الدية، ونصف الدية والدية كاملة فللأول الربع لأنه هلك والثاني ثلث الدية، والثالث نصف الدية، والرابع الدية، فأبوا أن يرضوا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند مقام إبراهيم فقصوا عليه القصة. فقال: أنا أحكم بينكم، فقال رجل من القوم: يا رسول الله إن عليا قضى علينا فقصوا عليه القصة فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رواه الإمام أحمد أيضا عن وكيع، عن حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن حنش عن علي فذكره.
كتاب حجة الوداع في سنة عشر ويقال لها حجة البلاغ وحجة الاسلام وحجة الوداع لأنه عليه الصلاة والسلام ودع الناس فيها ولم يحج بعدها، وسميت حجة الاسلام لأنه عليه السلام لم يحج من المدينة غيرها، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها. وقد قيل إن فريضة الحج نزلت عامئذ. وقيل سنة تسع، وقيل سنة ست، وقيل قبل الهجرة وهو غريب، وسميت حجة البلاغ لأنه عليه السلام بلغ الناس شرع الله في الحج قولا وفعلا، ولم يكن بقي من دعائم الاسلام وقواعده شئ إلا وقد بينه عليه السلام فلما بين لهم شريعة الحج، ووضحه وشرحه أنزل الله عز وجل عليه وهو واقف بعرفة * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) * [المائدة: 3].
وسيأتي ايضاح لهذا كله والمقصود ذكر حجته عليه السلام كيف كانت، فإن النقلة اختلفوا فيها اختلافا كثيرا جدا بحسب ما وصل إلى كل منهم من العلم وتفاوتوا في ذلك تفاوتا كثيرا لا سيما من بعد الصحابة رضي الله عنهم، ونحن نورد بحمد الله وعونه، وحسن توفيقه ما ذكره الأئمة في كتبهم من هذه الروايات ونجمع بينهما جمعا يثلج قلب من تأمله، وأنعم النظر فيه، وجمع بين