رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أتاني جبرائيل فقال إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية والاهلال. وقال روح بالتلبية أو الاهلال. قال: لا أدري أينا وهل أنا أو عبد الله أو خلاد في الاهلال أو التلبية هذا لفظ أحمد في مسنده. وكذلك ذكر شيخنا في أطرافه عن ابن جريج كرواية مالك وسفيان بن عيينة. فالله أعلم.
فصل في إيراد حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وحده منسك مستقل رأينا أن إيراده ههنا أنسب لتضمنه التلبية وغيرها كما سلف، وما سيأتي فنورد طرقه وألفاظه ثم نتبعه بشواهده من الأحاديث الواردة في معناه وبالله المستعان. قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، ثنا جعفر بن محمد حدثني أبي. قال: أتينا جابر بن عبد الله وهو في بني سلمة، فسألناه عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث في المدينة تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج في هذا العام. قال: فنزل المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويفعل ما يفعل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس (1) بقين من ذي القعدة، وخرجنا معه حتى إذا أتى ذا الحليفة نفست أسماء بنة عميس بمحمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع قال: اغتسلي ثم استثفري بثوب (2) ثم أهلي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك. والملك، لا شريك لك. ولبى الناس والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلم يقل لهم شيئا فنظرت مد بصري بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من راكب وماش ومن خلفه كذلك وعن يمينه مثل ذلك وعن شماله مثل ذلك. قال جابر:
ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله وما عمل به من شئ عملناه، فخرجنا لا ننوي إلا الحج، حتى إذا أتينا الكعبة فاستلم نبي الله صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود ثم رمل ثلاثة، ومشى أربعة حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم، فصلى خلفه ركعتين ثم قرأ * (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) * [البقرة: 125]. قال أحمد: وقال أبو عبد الله - يعني جعفرا - فقرأ فيهما بالتوحيد وقل يا أيها الكافرون، ثم استلم الحجر وخرج إلى الصفا ثم قرأ * (إن الصفا والمروة من شعائر الله) *. [البقرة: 158] ثم قال: نبدأ بما بدأ الله به فرقي على الصفا حتى إذا