كما يطوي السجل للكتاب كذلك تطوى السماء. وهكذا رواه البيهقي: عن أبي نصر بن قتادة، عن أبي علي الرفا، عن علي بن عبد العزيز، عن مسلم بن إبراهيم، عن يحيى بن عمرو بن مالك به.
ويحيى هذا ضعيف جدا فلا يصلح للمتابعة. والله أعلم. وأغرب من ذلك أيضا ما رواه الحافظ أبو بكر الخطيب وابن منده من حديث أحمد بن سعيد البغدادي المعروف بحمدان: عن بهز، عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم كاتب يقال له سجل، فأنزل الله: * (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب) * قال ابن منده: غريب تفرد به حمدان. وقال البرقاني: قال أبو الفتح الأزدي تفرد به ابن نمير - إن صح -.
قلت: وهذا أيضا منكر عن ابن عمر كما هو منكر عن ابن عباس، وقد ورد عن ابن عباس وابن عمر خلاف ذلك، فقد روى الوالبي والعوفي عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: قال كطي الصحيفة على الكتاب. وكذلك قال مجاهد، وقال ابن جرير هذا هو المعروف في اللغة أن السجل هو الصحيفة. قال ولا يعرف في الصحابة أحد اسمه السجل، وأنكر أن يكون السجل اسم ملك من الملائكة كما رواه عن أبي كريب عن ابن يمان: ثنا أبو الوفا الأشجعي، عن أبيه عن ابن عمر في قوله: * (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب) * قال: السجل ملك فإذا صعد بالاستغفار قال الله اكتبها نورا. وحدثنا بندار: عن مؤمل، عن سفيان سمعت السدي يقول، فذكر مثله. وهكذا قال أبو جعفر الباقر: فيما رواه أبو كريب، عن المبارك عن معروف بن خربوذ، عمن سمع أبا جعفر يقول: السجل الملك، وهذا الذي أنكره ابن جرير من كون السجل اسم صحابي أو ملك قوي جدا، والحديث في ذلك منكر جدا. ومن ذكره في أسماء الصحابة كابن منده وأبي نعيم الأصبهاني وابن الأثير في الغابة إنما ذكره إحسانا للظن بهذا الحديث، أو تعليقا على صحته والله أعلم.
ومنهم سعد بن أبي سرح. فيما قاله خليفة بن خياط (1) وقد وهم إنما هو ابنه عبد الله بن سعد بن أبي سرح كما سيأتي قريبا إن شاء الله.
ومنهم عامر بن فهيرة، مولى أبي بكر الصديق. قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر قال قال الزهري: أخبرني عبد الملك بن مالك المدلجي، وهو ابن أخي سراقة بن مالك أن أباه أخبره أنه سمع سراقة يقول، فذكر خبر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه: فقلت له إن قومك جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم من أخبار سفرهم وما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزؤني منه شيئا ولم يسألوني إلا أن أخف عنا، فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة آمن به، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أدم، ثم مضى.
قلت: وقد تقدم الحديث بتمامه في الهجرة. وقد روى أن أبا بكر هو الذي كتب لسراقة هذا الكتاب فالله أعلم. وقد كان عامر بن فهيرة - ويكنى أبا عمرو - من مولدي الازاد أسود اللون،