فقلت يا رسول الله تصلي عليه وقد قال في يوم كذا وكذا، وقال في يوم كذا وكذا وكذا!! فقال " دعني يا عمر فإني بين خيرتين، ولو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت " ثم صلى عليه فأنزل الله عز وجل * (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) * الآية. قال عمر:
فعجبت من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم. وقال سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول: أتى رسول الله صلى الله عليه سلم قبر عبد الله بن أبي بعدما أدخل حفرته فأمر به فأخرج فوضعه على ركبتيه - أو فخذيه - ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه. فالله أعلم (1).
وفي صحيح البخاري بهذا الاسناد مثله وعنده إنه إنما ألبسه قميصه مكافأة لما كان كسى العباس قميصا حين قدم المدينة فلم يجدوا قميصا يصلح له إلا قميص عبد الله بن أبي (2). وقد ذكر البيهقي ها هنا قصة ثعلبة بن حاطب وكيف افتتن بكثرة المال ومنعه الصدقة (3)، وقد حررنا ذلك في التفسير عند قوله تعالى * (ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله) * الآية. [التوبة: 75].
فصل قال ابن إسحاق: وكانت غزوة تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه يعدد أيام الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر مواطنهم معه في أيام غزوه، قال ابن هشام وتروى لابنه عبد الرحمن بن حسان:
ألست خير معد كلها نفرا * و؟ شرا إن هموا عموا وإن حصلوا قوم هموا شهدوا بدرا بأجمعهم * مع الرسول فما ألوا وما خذلوا وبايعوه فلم ينكث به أحد * منهم ولم يك في إيمانه دخل (4) ويوم صبحهم في الشعب من أحد * ضرب رصين كحر النار مشتعل ويوم ذي قرد يوم استثار بهم * على الجياد فما خانوا وما نكلوا (5) وذا العشيرة جاسوها بخيلهم * مع الرسول عليها البيض والأسل ويوم ودان أجلوا أهله رقصا * بالخيل حتى نهانا الحزن والجبل