الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى (1) سنة ست وثلاثين، وله من العمر يومئذ سبع وستون سنة، وقد خلف رضي الله عنه بعده تركة عظيمة فأوصى من ذلك بالثلث بعد إخراج ألفي ألف ومائتي ألف دينارا، فلما قضى دينه، وأخرى ثلث ماله قسم الباقي على ورثته فنال كل امرأة من نسائه - وكن أربعا - ألف ألف ومائتا ألف، فمجموع ما ذكرناه مما تركه رضي الله عنه تسعة وخمسين ألف ألف وثمان مائة ألف (2) وهذا كله من وجوه حل نالها في حياته مما كان يصيبه من الفئ والمغانم، ووجوه متاجر الحلال وذلك كله بعد إخراج الزكاة في أوقاتها، والصلاة البارعة الكثيرة لأربابها في أوقات حاجاتها رضي الله عنه وأرضاه وجعل جنات الفردوس مثواه - وقد فعل - فإنه قد شهد له سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين بالجنة، ولله الحمد والمنة. وذكر ابن الأثير في الغابة أنه كان له ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، وأنه كان يتصدق بذلك كله. وقال فيه حسان بن ثابت يمدحه ويفضله بذلك:
أقام على عهد النبي وهديه * حواريه والقول بالفضل يعدل أقام على منهاجه وطريقه * يوالي ولي الحق والحق أعدل هو الفارس المشهور والبطل الذي * يصول إذا ما كان يوم محجل وإن امرأ كانت صفية أمه * ومن أسد في بيته لمرسل (3) له من رسول الله قربى قريبة * ومن نصرة الاسلام مجد مؤثل فكم كربة ذب الزبير بسيفه * عن المصطفى والله يعطي ويجزل إذا كشفت عن ساقها الحزب حشها * بأبيض [سباق] (4) إلى الموت يرفل فما مثل فيهم ولا كان قبله * وليس يكون الدهر ما دام يذبل قد تقدم أنه قتله عمرو بن جرموز التميم بوادي السباع وهو نائم، ويقال بل قام من آثار النوم وهو دهش فركب وبارزه ابن جرموز، فلما صمم عليه الزبير أنجده صاحباه فضالة والنعر فقتلوه، وأخذ عمرو بن جرموز رأسه وسيفه. فلما دخل بهما على علي قال علي رضي الله عنه لما رأى سيف الزبير: إن هذا السيف طالما فرج الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال علي فيما قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار. فيقال إن عمرو بن جرموز لما سمع ذلك قتل نفسه. والصحيح أنه عمر بعد علي حتى كانت أيام ابن الزبير فاستناب أخاه مصعبا على العراق، فاختفى عمرو بن جرموز خوفا